الخطبة الأولى
  سبيلَه، امتثالاً لأمرِ اللهِ القائل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
  إنَّ للشياطين طرقاً وسبلاً ومناهجَ بُنِيَتْ على الضلالِ، ولله منهجٌ واحدٌ وطريقٌ مستقيمٌ لا عوجَ فيه، وما عداه باطلٌ، إنَّ لليهود مناهجَ وطرقاً ضالةً، وللنصارى مناهجَ وسُنناً باطلةً، شرعوا لهم من الدينِ ما لم يأذنْ به اللهُ.
  كلٌّ من أحبارِ اليهودِ وقساوسةِ النصارى يدعو الناسَ إلى حزبه، ويَدَّعي أنه على الحقِّ وغيرُه على الباطلِ، قال تعالى: {قَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.
  كُلٌّ يُلْقِي بالتهمةِ والتبعةِ على الآخرِ، فهم فيما بينهم مختصمون، ولكنهم يقفون ضد المسلمين يداً واحدةً متكاتفين متعاضدين، يتربصون بنا الدوائر، يُكِنُّونَ لنا الحسدَ والغلَّ، ويضمرون لنا الشرَّ والكراهيةَ قال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} يحاولون بشتى الوسائل أن يبعدونا عن ديننا، وأن نصبح يهوداً أو نصارى {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} تلك أمانيهم الكاذبة وأحلامهم الباطلة {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} أين دليلكم على دعواكم {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}.
  إن النجاةَ ليست في زمرةِ اليهودِ ولا في حزبِ النصارى، إنها في ملةِ الإسلامِ، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}