الخطبة الأولى
[١٢] - تعظيم الله في حياة المؤمن
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الكبيرِ المتعالِ، المخصوصِ بالكمالِ، المعروفِ بالعزةِ والجلالِ، تنزه عن الشبيهِ والمثالِ، وتعالى عن قبحِ الفعالِ، تقدست أسماؤُه، وتعالى عن كلِّ شأن شأنُه {لَّا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
  نشهد بأنه الله الذي لا ربَّ سواه ولا معبودَ غيرُه، عَدْلٌ في الحكمِ، صادقُ الوعدِ، وفيُّ العهدِ، رحيمٌ بالعباد.
  ونشهد بأن محمداً عبدُه ورسولُه وخيرتُه من خلقِه، عليه وعلى آلِه أفضلُ الصلاةِ والسلامِ من يومِنا هذا إلى يومِ الزحام.
  أما بعد:
  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمون}.
  عبادَ الله: لقد مضت أربعةَ عشرَ قرناً منذُ بزوغِ فجرِ الدعوةِ وظهورِ الإسلامِ، ذلك الدينُ القيمُ الذي شقَّ بفرقانِ رسالتِه غياهبَ الظلماتِ، وقشعَ بأنوارِه سحائبَ الجهالاتِ، تلك الرسالةُ الخالدةُ التي جاءت لتعيدَ للإنسانيةِ مجدَها وعزَّها وكرامتَها، وتُعرّفَ الإنسانَ بقدرِه وقيمتِه، وتفهمَه بأن لحياتِه شأناً وأن هناك هدفٌ وغايةٌ عظيمةٌ من وجودِه، وأنه لم يُخلق للَّهْوِ واللعبِ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}.
  عبادَ الله: لقد جاء محمدٌ ÷ لِيُنَبِّهَ الأمةَ من غفلةٍ عظيمةٍ، ويبينَ لهم قيمةَ الحياةِ وما هو المطلوبُ من هذا الإنسانِ، أتى ÷ ليُخرجَ الناسَ من حياةِ البهيميةِ التي لا هَمَّ لها إلا الأكلُ والشربُ والسطوُ والنهبُ، إلى حياةٍ خالدةٍ كريمةٍ وعيشةٍ هنيئةٍ مرضيةٍ، فعرَّفَهُم معالمَ دينِهم وبيّنَ لهم بأن لهذا الكونِ