الخطبة الأولى
[١٣] - مراقبة الله
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي إليه مصائرُ الخلقِ، وعواقبُ الأمرِ نحمدُه على عظيمِ إحسانِه، ونيرِ برهانِه، ونوامي فضلِه وامتنانِه حمداً يكونُ لحقِّه قضاءٌ ولشكرِه أداءٌ، وإلى ثوابِه مقربٌ، ولحسنِ مزيدِه موجبٌ، ونستعينه استعانةَ راجٍ لفضلِه مؤملٍ لنفعِه واثق بدفعِه معترف له بالطولِ، ومذعنا له بالعملِ والقولِ، ونؤمنُ به إيمانَ مَن رجاه، وأنابَ إليه واتقاه، وخضعَ له مذعنا، وأخلصَ له موحدا، وعظمَه ممجداً، وأنابَ إليه راغباً مجتهداً.
  وأشهد ألّا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وليُّ الصالحين، وغايةُ آمالِ العارفين، من ذِكرُه شفاءٌ، وطاعتُهُ غناءٌ، سابغُ النعماءِ، وكاشفُ الضرِّ والبلاءِ، وهو حسبُنا ونعمَ الوكيلِ.
  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه المختارُ الداعي إلى اللهِ بإذنه والسراج المنير، النورُ الذي أضاءَ اللهُ به الصدورَ، وفتحَ به أعيُناً عُمياً، وآذانا صُماً، وقلوباً غلفاً صلى الله عليه وعلى آله الأخيارِ ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ.
  أما بعد:
  عبادَ الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} فتقوى الله هي أعظمُ وسيلة لبلوغِ رضوانِ الله، وتقوى الله: هي المراقبةُ للهِ في السرِّ والعلنِ.
  المؤمن التقي: هو من يستشعرُ عظمةَ اللهِ في كلِّ حينٍ، يرى اللهَ في كلِّ شيءٍ، لا يغفلُ عنه ساعةً، ويذكره في كل حالٍ ولا ينساه.
  والمؤمنُ هو من يذكرُ اللهَ تعالى في كلِّ حالاتِه، ولا ينساه، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}.