الخطبة الأولى
  ولا تسألْ عن الأرحامِ وقطيعتهم، والمالِ ومكاسبِه، والمواريثِ والحقوقِ للجارِ والأولادِ والنساءِ ونحو ذلك، فكلنا يعلمُ التقصيرَ في ذلك، فهو أظهرُ من أن يُذكر، وأعرف من أن يُعرف، وهكذا تجري الأيامُ وتتبعها الليالي، وتنقضي الشهورُ والأعوامُ وتفنى الأعمارُ دونَ يقظةٍ منا ولا توبةٍ، ولا خوفٍ ولا أوبةٍ، فيا حسرةَ المقصرين، يومَ يقولون نادمين حين لا ينفعُ الندمُ {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}.
  فيا أصحاب الإنصافِ، ويا أهلَ العقولِ: هل هذه هي العبادةُ التي أمرنا اللهُ بها؟ وحثنا عليها، وهل أعد الله الجنة وما فيها لمن يفعلُ هذه الأفعالَ، ويتحلى بهذه الصفاتِ؟، وهل أمرَ اللهُ ملائكتَه، وأشرفَ خلقِه بخدمةِ هذه الطوائفِ في الجنةِ، نعوذُ باللهِ من الشقاءِ وسوءِ المنقلبِ ومن الضلالةِ والعمى.
  جعلنا اللهُ وإياكم من الرابحين السعداء، يوم يخسر المبطلون الأشقياء، إن ربي وليُّ النعماءِ، وكاشفُ الضرَّ والبلاء.
  أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.
  ﷽ {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ٣}.
  * * * * *