سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 163 - الجزء 1

  يظنون بأنفسهم الصلاحَ، ويحسبون أنهم مهتدون، وهم الأخسرون أعمالاً كما قال تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ١٠٣ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}.

  أضاع نفسَه، وأضاعَ أولادَه، وأهلك نفسَه وأهله، وضيعَ أمانةَ اللهِ التي أودعه إياها، وأمر الله القائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

  فأهمل أولادَه وجهَّلَهم، ولم يربهم ولم يعلمْهم، ونسي قولَ النبي ÷: «إنَّ أشدّ الناس عذابًا يومَ القيامةِ من جهّل أهله»

  فترى أولادَه في السفهِ خائضون، ومع رفقاءِ السوء تائهون، يضيعون الصلاةَ، ويرتكبون المعاصي {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً}.

  ثم يدعي كذباً أنه لا يستطيع منعهم، وأنهم غيرُ مطيعين له، أما إذا خالفَه أولادُه في شيءٍ هو له فتراه يضربُ ويطردُ ويشرِّدُ، يلجأُ إلى أنواع العنفِ حتى يرغمَهم على فعلِ ما أمرَهم به.

  أما النساءُ ففي البيتِ وفي المزارعِ، أشبه ما يكونون بالبهائمِ، إلا أنهم ينطقون فلا صلاةَ يعرفون، ولا وعظَ يسمعون، إن صَلَّتْ صلتْ في غير طُهْرٍ، وتترك الصلاةَ إن عرض لها عذرٌ ولو كان تافها، كعرسٍ أو زيارةٍ، تصلي بعض الصلواتِ من قعودٍ، وبعضَها من غيرِ قراءةٍ أو تسبيح، تسمع باسم جنةٍ لا تعلمُها، وتسمعُ بذكرِ نارٍ ولا تعرف كنهَها، جهلٌ على جهلٍ، وظلماتٌ بعضُها فوقَ بعض.