الخطبة الأولى
[١٥] - الإسلام بين مطرقة اليهود وسندان النصارى
الخطبة الأولى
  
  الحمد لله الذي هدانا للإسلامِ، وأعزنا بالإيمانِ، وجعل ديننَا خيرَ الأديانِ، فله الحمدُ دائماً أبداً حتى يرضى وبعدَ الرضى.
  اللهم أعنا على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتك، وثبتنا على دينِك واحشرنا في زمرةِ الموحدين من عبيدِك، ووفقنا لطاعتِك أبداً ما أبقيتنا يا أرحمَ الراحمين.
  وأشهد ألّا إله إلا اللهُ المحمودُ الصفاتِ، والمنزه عن مشابهةِ المخلوقاتِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
  وأشهد أن سيدنا ونبيئنا محمداً عبدُه ورسولُه الذي طمسَ بنورِ رسالتِه ظُلَمَ الضلالاتِ وأوضحَ بمنهاجه طريقَ الرشادِ فصلواتُ الله عليه وعلى آله الأكرمين، من يومِنا هذا إلى يوم الدين.
  أما بعد:
  عبادَ الله: إن المتأملَ لحالنا نحن المسلمون اليومَ، وحالِ زماننِا وتفرقِ كلمتنا وشتاتِ أمرنا. ليشعرُ بالرهبةِ والحسرةِ والندامةِ من عواقبِ هذه الحال.
  ما الذي مزّقَ شملَ الإسلاِم؟ ما الذي شقَّ الصفَ وفرّقَ الكلمةَ؟ ما بال المسلمين يقفون مكتوفي الأيدي لا يبدي أحدٌ منهم أمراً ولا يعيد؟
  هل ضربت عليهم الذلةُ والمسكنةُ؟ هل ملك الرعبُ أزِمَّة قلوبِهم؟! أم إنهم قد باعوا ضمائَرهم وخانوا دينَهم وأمانتهم؟!
  ما الذي غيرَ الموازينَ وقَلَّبَ الحقائقَ، أين ذهبت الدولةُ الإسلاميةُ والسطوةُ والقوةُ التي أسس قواعدَها محمدُ بنُ عبدِ الله ~ وعلى آلِه؟ أينَ ذهبَ تعبُ رسولِ الله لقد بُعثَ محمدٌ الخاتم ÷ حين أرسلَه الله إلى عربِ أجلافِ أقحاح، جفاةِ حفاةِ. عراةِ شعثا غبرا. كلٌ يقتل أخاه ويسلبُه مالَه.