سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 200 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي جعل الصلاة عماداً للدينِ وقرة عينٍ للمؤمنين ونجاةً للعاملين، انشرحت بها صدورُ أولياءِ اللهِ، وضاقت بها صدورُ أعداءِ الله، فهي روضةٌ من رياضِ العملِ الصالحِ متعةٌ للنفوسِ ومطهرةٌ للقلوبِ،

  ونشهد ألَّا إله إلا اللهُ الملكُ الديانُ ذو الجودِ والإحسان.

  ونشهد أن محمداً عبدُ الله ورسولُه بلغ الرسالة وأدى الأمانةَ ونصح الأمةَ وكشف اللهُ به الغمةَ فصلواتُ اللهِ عليه يومَ وُلِدَ ويوم ماتَ ويومَ يُبعثُ حياً وعلى آله الأكرمين الأنجبين.

  أما بعد:

  عبادَ الله: إن الله قد أوضح لنا منهاجاً جلياً واضحاً سوياً لا عوجَ فيه أبان فيه شرائعَه وأحكامَه لئلا يكونَ للناسِ على اللهِ حجةٌ، فالسعيدُ من أطاعَه والشقيُّ من عصاه.

  فعلى من يضحكُ العاصي؟ وعلى من يلعبُ المقصرُ؟ من يخادعُ وبمن يمكر؟

  إن كان يخادع اللهَ، فاللهَ خادعه، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ٩}، أيمكر بالله؟ {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ٣٠} {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.

  كيف بعبد خلقه الله ورباه، وأنشأه وغذّاه حتى كملت قواه واشتد ساعده ثم كلفه بالصلاةِ فَصَعَّرَ خدَّه وعصاه، وألقى لأمره قفاه، مع العلمِ أنه يعلمُ بأن الصلاةَ واجبةٌ لازمةٌ، وأن التارك لها فاسق عاصٍ موعده النار، {قُتِلَ الْأِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ}.