سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 201 - الجزء 1

  قد حث الله في كتابه على الصلاة وعلى المحافظة عليها وعلى الالتزام بها بآيات كثيرات تعد بالمئات وقد شدد عليها أشد التشديد قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} لازموا عليها وأقيموها ولا تتركوها فمن ترك فرضاً منها فقد ضيعها، ولم يحافظ عليها بل نسيها فالويل له. {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}

  عبادَ الله: إن هناك من يترك الصلاةَ ويتهاونُ بها لأجلِ عجلةٍ في سفرٍ، أو لأجل عارضٍ من مرضٍ أو تعب، ألم يعلم أمثالُ هؤلاءِ بأن الله لم يرخص لأحد في ترك الصلاة بخلاف بقية الفروض ألا ترى الصوم فيه رخصة للمريض والعاجز والمسافر، والحج فيه رخصة لمن لم يستطع إليه سبيلا، أما الصلاة فلا رخصة فيها، ولا يعذر تاركها ولا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً ما دام بعقله ويقدر على الإيماء والحركة، ففي السفر صلاة، وفي المرض صلاة، مع الخوف صلاة، وفي البرد صلاة، في الحر صلاة، حتى في الحرب والقتال وعلى ظهور الخيل بين صليل السيوف وزهق النفوس لا بد من إقامة الصلاة، الراجل على قدميه، والفارس على ظهر الخيل، والجريح قاعداً قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} وقال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَاءِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} إذا كان هذا هو أمر الله في حق المجاهدين في سبيله مع ما هم عليه من الخوفِ والفزعِ والضيقِ والجزعِ بين جريحٍ وطريحٍ، وشهيدٍ ومنازعٍ، ومع ذلك لم يسقطها عنهم ولم يرخصْ لهم في تركِها، فما بالك بمن يتركُها في الأمنِ والأمانِ في مسجدٍ مفروشٍ وماءٍ عذبٍ معين.

  عبادَ الله: من تثاقل أن يقفَ بين يدي اللهِ الآنَ وقفَ يوم القيامة على لوحٍ