سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 204 - الجزء 1

[١٨] - من مفاهيم الإحسان في التشريع الإسلامي

الخطبة الأولى

  

  الحمد لله ذي الإحسانِ والفضلِ والإنعامِ، الكريمِ المنانِ، الموصوفِ بالإحسانِ، المغدقِ بإنعامِه على الإنسانِ، خلقَه في أتمِّ صورةٍ وأحسنِ تقويمٍ، وأكملَ له النعمةَ بالعقلِ والإدراكِ، فله الحمدُ على نعمه المتوالية، وله الشكرُ على آلائِه المتتالية.

  ونشهد ألَّا إله إلا الله الكريمُ المنانُ، عظيمُ الإحسان.

  ونشهدُ أن سيدَنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، الذي أكملَ اللهُ به النعمةَ، وأتمَّ ببعثتِه الإحسانَ صلى الله عليه وعلى آله الهداة الطاهرين.

  أما بعد:

  عبادَ الله: اتقوا الله وأحسنوا {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} فمن هم هؤلاء المحسنون؟ الذين يعيشون بمعية الله وفي رحابه، والذين أكد الله بأنه معهم وأنهم المحسنون، الإحسان: ذلك الخُلُقُ العظيمُ، الذي هو محورُ حديثِنا اليومَ، نعيشُ وإياكم في رحابِ كلمةِ الإحسانِ، ندقق في معناها.

  إخوةُ الإسلامِ: الإحسانُ في اللغةِ معناه: الإتقانُ وقد نبه على هذا الرسول ÷ بقوله: «إن اللهَ يحبُ إذا عملَ أحدٌ منكم عملاً أن يتقنَه».

  والإحسانُ: قد تكرر ذكره في آيات متعددة من كتاب الله.

  عبادَ الله: قد أمر الله تعالى بالإحسانِ وحثَّ عليه ووعدَ أهلَه بالأجرِ والثوابِ عليه ولقد بين الله تعالى لنا الحكمةَ والغايةَ من خلقِنا بأنها لأجل غايةٍ واحدةٍ وهي الابتلاءُ في حسن العمل فقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}، فالواجب علينا أن نحسن ونتقن في كل شيء،