سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 210 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي أحسن خلقَ كلِّ شيء خَلَقه وبدأَ خلقَ الإنسانِ من طينٍ، نحمده على فضلِه وإحسانِه، وعلى جودِه وكرمِه وإنعامِه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، ونسأله التوفيقَ والسدادَ وحسنَ الطاعةِ في القولِ والعملِ.

  ونشهد ألَّا إله إلا الله القريبُ المجيبُ الحليمُ الغفور.

  ونشهد أن سيدنا وحبيبَنا المبعوثَ رحمةً للعالمين محمدُ بنُ عبدِ الله الصادقُ الأمينُ ÷ الطاهرين.

  أما بعد:

  عبادَ الله: لقد عرفنا بعض معاني الإحسان وفوائدَه، وكيف أمرنا اللهُ بالإحسانِ في جميع أمورنا، وبخاصة في العبادات فإن الله قد أمر بالإحسان فيها، ولعل قائلا يقول وما علاقة الإحسان بالعبادة؟

  والجواب: الإحسان في العبادةِ أن تؤديَ العملَ مُتقنا في تأني وترتيبٍ بلا عجلةٍ أو تَسَرُّعٍ.

  فالإحسانُ في الوضوءِ إسباغُه وترتيبُه، وتنقيةُ كلِّ عضوٍ بإجراء الماءِ مع الدلك، فالذي لا يخلل أظافره وبين أصابعه، ولا ينقي أعضاءه ويسبغ وضوءه فهو غير محسن في وضوئه، والإحسان في الصلاة هو أدائها بكامل فروضها في تأني، يتم ركوعَها وسجودَها ويؤدي قراءتَها على أكملِ هيئةٍ وبخضوعِها وخشوعِها، وحضورِ القلبِ عند أذكارِها وقراءتها.

  فالذي يؤدي صلاتَه على عجلٍ وتسرعٍ، فلا يتمُّ ركوعَها ولا سجودَها، ولا يجيدُ القراءةَ فيها، ولا يُحضرُ قلبَه عند القراءةِ فهو غيرُ محسنٍ في صلاتِه بل مهملٌ لها متهاون بها.