الخطبة الثانية
  عبد الله: اسمع قولَ اللهِ جَلَّتْ قدرتهُ: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} فاللهُ تعالى قد عَرضَ ثمناً لنفسِك هو الجنةُ، فإن كنتَ ممن يبيعُ فلا ترضى بدونِ ما عرضَهُ اللهُ.
  عبادَ الله: هذه هي مجملُ حياةِ كثيرٍ من الناسِ، هذا هو موجزٌ لأنباءِ أعمارِ كثيرٍ من الخلقِ يومَ يُسألون عن أعمارِهم فيما أفنوها، يومَ يُسألون عن زهرةِ شبابِهم كيف قضوها وأمضوها؟! هل في طاعةِ اللهِ وخدمةِ الدينِ أم في خدمةِ المستكبرين والمترفين ليس لله منها شيء.
  بأيِّ وجهٍ سيُلاقي أمثالُ هؤلاء ربَّهم؟! وبأيِّ حجةٍ سيُقابلون ربَّ السمواتِ والأرضِ، ما حالُ هؤلاءِ بينَ يدي مَن لا تَخفى عليهَ خافيةٌ، ما حالَهم يومَ يُقَالُ لهم: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلاً ٥٦}.
  ما حالَهم يومَ يُنادُون كبراءَهم قائلين: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ} فيردون عليهم: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}.
  حقّاً إنها لحسرةٌ؛ وأعْظِمْ بها على أهلِها من حسرةٍ أجارَنا اللهُ منها، ووقانا شرَّها وضرَّها، إنَّ ربي وليُّ النعماءِ، وكاشفُ الضرِّ والبلاءِ، وهو حسبُنا ونعمَ الوكيل.
  عبادَ الله: إنكم في يومٍ عظيمٍ ويومِ عيدٍ كريمٍ شرَّفَه اللهُ وكرمه على سائرِ الليالي والأيامِ. فأكثروا فيه من الصلاةِ والسلامِ على نبيِّكم خيرِ الأنامِ امتثالاً لأمر اللهِ القائلِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
  اللهم فصلِّ وسلمْ وباركْ وترحمْ على عبدِك ونبيِّك وخيرتِك من خلقِك أبي الطيبِ والطاهرِ والقاسمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبدٍ المطلبِ بنِ هاشمٍ، وصلِّ اللهمَّ وسلِّم على أخيه وابنِ عمه وبابِ مدينةِ علمِه أشجعِ طاعنٍ وضاربٍ عليِّ