الخطبة الثانية
الخطبة الثانية
  
  الحمد لله الذي بيده خزائنُ السماواتِ والأرضِ، يرزقُ من يشاءُ بغيرِ حسابِ، له الملكُ وله الحمدُ في الأولى والأخرى وعلى كل حال.
  وأشهد ألّا إله إلا الله وحده لا شريكَ له الرزاقُ ذو القوةِ المتين، مالكُ الملكِ رؤوفُ بالخلقِ يرزقُ من يشاءُ بغيرِ حسابٍ وهو العزيزُ الوهاب، يهبُ لمن يشاءُ إناثاً ويهبُ لمن يشاءُ الذكور.
  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه وخيرتُه من خلقِه الذي ما شَبِعَ من طعامٍ قط، والذي عُرِضَت عليهُ مكةُ ذهباً وفضةً تسيرُ معه حيث يشاءُ ولا ينقصُ من أجرِه شيئٌ فرفضها قائلا: أشبع يوماً فأحمدُ اللهَ، وأجوعُ يوماً فأسألُ اللهَ، صلى الله عليه وعلى آله الولاة سفن النجاة، وسلم تسليماً كثيراً.
  وبعد:
  عبادَ الله: لا بد للمؤمنِ الصادقِ في إيمانِه من أن يُراجعَ حسابَه مع اللهِ، وأن يسعى جاهدا في تجديدِ عهدِه بمولاه، وتقويةِ حبال الوصل فيما بينه وبين خالقِه الذي رباه، وبفضله حباه.
  فالملاحظ: بأن علاقتنا بالله شبه منقطعة، وثقتنا بالله شبه معدومة.
  إذاً ليس هناك من يقينٍ بالله، ولا ثقةٍ لنا بوعدِه، وهذا ضعفٌ في الإيمان، وخلل في العقيدة، لأن المؤمنَ الصادقَ في إيمانِه على ثقةٍ قويةٍ، وعلاقةٍ متينةٍ مع ربِّه، وموقنٌ بأن اللهَ لن يضيّعَه، ولن يتركَه سُدى.
  يركبُ أمواجَ البحارِ العاتيةِ، متوكلاً على ربه في السلامةِ، يرمي الحبَّ في الترابِ، وهو واثقٌ بأن اللهَ لن يضيعه.
  كيف للمؤمن أن يفقدَ ثقتَه باللهِ و قد كان قبل فترة من الزمن في ظلم الأرحام نطفة لا يملك لنفسه حولا ولا قوة، يقلبه الله من حال إلى حال، ويسوق له الماء