سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 15 - الجزء 2

  الغَرَقُ فَلَمْ تَنْفَعْهُ مِن عذابِ اللهِ الشديدِ؟

  أمْ حينَ يَرى الملائكةَ وتُكْشَفُ عن بصرِه الغِشاوةُ؟ {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً} {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ١٧ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}؟!

  أَمْ حين تُرفعُ الأعمالُ وتُطْوَى الصُّحُفُ وتَظهرُ الآياتُ؟ {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}

  عبادَ الله:

  لَقد رُويَ عن المصطفى صَلّى الله عليه وآله أنَّهُ قالَ: «مَنْ سَوَّفَ للتوبةِ لم يُوفَّقْ لها» بِهذا أوْ معناه.

  كثيرٌ مِن النَّاسِ يُمَنِّي نفسَهُ الأمانيَّ ويَخدَعُها بالمواعيدِ الكاذبةِ، وهو مُنْذُ حَمَلَ عقلَهُ يقولُ: سَأَتُوبُ هذا الأسبوعَ، سَوفَ أُصَلِّي غداً، سَأصومُ هذاَ العامَ، وهكذا مواعيدُ عُرقوبٍ، وخيالاتٌ كاذبةٌ يَخْدَعُ بِهَا نَفْسَهُ، وتَمرُّ الشهورُ والسنواتُ وهو كَما هو، فَلا هُو الذي تَابَ، ولَا هُو الذِي صَلَّى، ولا هُو الذي اسْتَغْفَرَ وَأَنَابَ.

  ومَا زالَتْ تلكَ المواعيدُ يُرَدِّدُها على لِسانِهِ ولَم يَصحَّ منها شيءٌ، وسوفَ يَظَلُّ على هذهِ الغفلةِ، والتسويفِ بالتوبةِ فَلا يُوقِظُهُ إِلَّا صَرعةُ الموتِ وغُصَّتُهُ {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً} {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ٩٩ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا