الخطبة الأولى
  إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}
  وهذا مِصْدَاقُ حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله حين قال: «مَن سَوَّفَ للتوبةِ لم يُوفَّقْ لها».
  ومما يُرْوى أنه جاءَ رَجلٌ إلى أميرِ المؤمنينَ عليٍّ # فقال: يا أمير المؤمنين، عِظْنِي.؟
  قال: يا فلانُ، لا تَكنْ مِمّن يَرجُو الآخرةَ بغيرِ عملِ، ويُؤخِّرُ التوبةَ لِطولِ الأَملِ، يقوُلُ في الدنيا قولَ الزاهدينَ، ويَعملُ عملَ الراغِبين.
  وعنِ الحسنِ أنه قالَ: يا ابنَ آدمَ، لا تَتَمنَّى المغفرةَ بغيرِ التوبةِ، ولا الثوابَ بغيرِ العملِ، ولا تَغْتَرَّ بالله، فإنَّ الغرَّةَ باللهِ أنْ تَتَمادَى في سَخَطِهِ، وتَتْرُكَ العملَ فِيما يُرضِيهِ، وتَتَمنَّى عَليهِ مع ذلكَ مغفرةً، فَتَغُرُّكَ الأمانيُّ حتى يَحِلَّ بِكَ أْمرُهُ، أَمَا سَمِعتَهُ يقولُ: {وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}؟
  عبادَ الله:
  لِماذَا نُوكِلُ طاعتَنَا لِلّهِ بِالمواعيدِ والخِداعِ؟ لِمَاذَا التراخِي لِماذَا التأخيرُ؟
  ما الّذي يَمْنَعُنا مِنْ التوبةِ؟ وما الذي يُؤمِّنُنَا والمَوتُ عَلى الرِّقابِ، والبلاءُ يطرقُ كلَّ بابٍ؟
  عبادَ الله:
  خيرُ البِرِّ عاجِلُهُ {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، ولا تُؤجِّلْ عَمَلَ اليومِ إِلى الغدِ، وكُلَّما كانتِ التوبةُ أسرعَ كُلَّمَا كانَ العبدُ أقربَ لِلتوفيق، وَأَوْجَبَ لِلقبولِ
  {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً}.
  عبادَ الله:
  عَلى كُلِّ مُقصِّرٍ في طاعةِ اللهِ ومُنْهمِكٍ في العصيانِ أَنْ يُسْرِعَ بالرّجوعِ إِلى اللهِ،