الخطبة الأولى
  اسْأَلُوا وَتَأمَّلوا هَلْ زَادتْ أرزاقُهم، هل ربِحَتْ تِجَارتُهم، هل ارْتَاحُوا في أنفُسِهِم؟ هل عَظُمُوا في أعينِ الناس؟
  عبادَ الله:
  إِنَّ الذنوبَ لا تُورِثُ إلا الفقرَ والحِرمانَ، والبُعدَ عنِ اللهِ تعالى لا تُورِثُ إلَّا الْهمَّ والضيقَ والقلقَ كما قال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ١٢٣ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}، بل إِنَّ مِنْ عَدلِ الله تعالى أنْ فَاضَلَ بينَ حياةِ العاصِي والمؤمنِ في الحياةِ الدنيا {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}.
  كَمَا قال تعالى: {أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ٢١ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ٢٢ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}
  فَعلَى كلِّ مُقصرٍّ أنْ يسألَ نفسَهُ، لماذَا التَأخيرُ للتوبةِ؟ ولِماذا يُؤجِّلُ الإنابةَ؟ ولِماذَا يُسوِّفُ نفسَهُ، ويُواعدُها كَذِباً بالاستِقامةِ، إلى مَتى؟
  مَا الذي يخافُهُ المُقصِّرُ مِن التوبةِ؟ ومَا الذي يَمْنَعُهُ مِن إِخلاصِ الْأَوبةِ، والإِنابةِ إِلى اللهِ في الوقتِ الْحَاضِرِ؟ {أفلا يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
  ولْننظرْ بِعينِ الْبَصيرةِ إلى مَن التَزَمُوا نَهجَ اللهِ وأَذعنُوا له بِالطاعةِ، مُواظِبينَ على الصَّلاةِ، ماذَا خَسِرُوا ومَا الذي نَقصَ عليهم؟ ومَاذَا فَاتَهُم؟
  لَا شَيءَ فَهُم مِنْ أَمْرِهم في رَاحةٍ، وحياتُهم سعيدَةٌ طيبةٌ كما بَيَّنَ اللهُ حالَهم بقولهِ: {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٩٦ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ