سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 17 - الجزء 2

  وأَنْ يُبَادرَ بالتوبةِ قبلَ انقطاعِ الأجلِ وحُلولِ الموتِ، ولا يُمَنِّي نفسَهُ بِطولِ الأملِ فَما أكثرُ البلايا في هذا الزمنِ، وما أَسْرعُها في خَرمِ الآجالِ.

  ومَا الذي يُؤَمّنُ الإنسانَ على حياتِه، وهو مُهدَّدٌ بالفناءِ في كلِّ لحظةٍ؟ وما أَكثرُ الأسبابِ، حَوادثُ في الطرقاتِ، وغَوارِبُ رَصَاصٍ، وغَازَاتٌ وجَلَطَاتٌ وسُمومٌ، وما مِنْ يومٍ يَمرُّ إلَّا ونَسمعُ مِنْ أخبارِ المصائبِ ما يَشِيبُ لَهُ الرّأسُ، وتَذهلُ لَهُ العُقولُ - ماتَ فُلانٌ وهو سكرانٌ، انقلبَ فلانٌ وهو يُغَنِّي، صَدَمَ فلانٌ وَهُوَ لا يُصَلِّي، قُتلَ فُلانٌ وهو مُفْطِرٌ لِشَهرِ رَمَضانَ، وتُوفِيَ هذَا وَهُو عَاقٌّ لِوالِدَيهِ، وذَا قَضَى نَحْبَهُ وَهو آكِلٌ لِمَواريثِ أَرْحَامِه، وقَاطِعٌ لِصِلَتِهم، وذَاك قُتِلَ وَهُوَ ظَالمُ لِلنَّاسِ آكلٌ لِلحرامِ، ومُغتصِبٌ لِحقِّ الضّعيفِ.

  ما الَّذِي يُؤمِّنُنَا أنْ نُصبِحَ مِثلَ هَؤلاءِ في يومٍ مَّا، وَالعِياذُ بِالله؟

  مَا المانِعُ، وهَلْ لَنَا مِنْ ضَمانٍ يَحولُ بَينَنا وبَينَ ذلِك؟

  {أَفَأَمِنُوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ٥٤ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}.

  عبادَ الله:

  مَا الذي يَسْتَفيدُهُ العاصِي إِذا تركَ الصَّلاةَ؟

  مَا الَّذي يَرْبَحُهُ المُفطِرُونَ في شهرِ رَمضان؟

  ماذا استفادَ أهلُ العصيانِ، وما الذي انتفعَ بِهِ المُذنِبُونَ والْمُقَصِّرونَ في مُدَّةِ أعمارِهم؟