سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 22 - الجزء 2

  التوبة

الخطبة الثانية

  

  الحمدُ لِلهِ رَبِّ العالمينَ حَمْداً كَثِيراً طيباً مُباركاً فيه، نَحمدُهُ ونستعينهُ ونَستَهدِي اللهَ الهُدى، ونَعُوذ بهِ مِن شُرورِ أَنْفُسِنا، وَسَيِّئاتِ أعْمَالِنا، وسوءِ العاقبةِ والردى.

  ونَشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ إلهاً واحداً أحداً فرداً صمداً، لم يتخذْ صاحبةً، وَلا ولداً.

  ونَشهدُ أَنَّ مُحمّداً عبدُه ورسولُه المُجْتَبى وَأَمِينُه المُصْطَفَى صَلّى الله عليه دَائِماً أبداً، وعَلَى عِترتِه النُّجباءِ وسَلَّمَ تَسليماً كثيراً مِن يومِنا هذا إلى يومِ الدين.

  أمَّا بَعدُ: عبادَ اللهِ:

  إِنَّ التوبةَ والرجوعَ إِلى اللهِ مِنْ أَعْظَمِ الأمورِ التي مِنْ وَاجبِ كُلِّ إِنسانٍ أَنْ يَبذُلَ فِي سَبيلِها قُصَارى جُهدِهِ؛ لِأنَّها تُعتَبرُ بِدَايةً لِحياةٍ جديدةٍ، وطَهارَةً مِن كلِّ رِجسٍ وَدَنَسٍ، وَوِلَادَةَ عُمْرٍ جَدِيدٍ لِلتَّائِبِ، يُصبِحُ بعدَهُ التائبُ إِنساناً آخرَ، وشَخْصِيّةً أُخْرَى، لَها ثِقْلُها ومَكانَتُها عندَ اللهِ تعالى وعِند الخلقِ، فاللهُ تعالَى عِندَما يَأمرُ عبدَه بِالتوبةِ لَمْ يُرِدْ ذَلكَ لِنفسِهِ ø، فَهو غَنيُّ عَنَّا، بَلْ أرَادَ لِلإنسانِ أَنْ يَحْيَا حَيَاةً كَرْيمَةً شَرْيفَةً، وَأَنْ يَعيشَ عَيشاً هَنِيئا طَيِّباً، عِرضُهُ مُصَانٌ، وَنَفْسُهُ عَزِيزَةٌ مُحْتَرَمَةٌ، أَرَادَ اللهُ تعالى لِعبدِه الْعِزةَ والكرامَةَ فِي الْدُّنيا والآخِرَةِ؛ لأنَّ التائبَ الذِي يعقِدُ العزمَ على الاستقامةِ هو يَبنِي لِنفسهِ مكانةً عظيمةً يتغيّرُ معهاَ كُلُّ شَيءٍ مِن حولِه.

  التّائبُ الصّادقُ فِي تَوبَتِهِ هُو الذي يُغَيِّر بَاطِنَهُ فَيَتَغَيَّرُ ظَاهِرُه، يُغَيِّرُ أَفكارَهُ، وَيُحْسِنُ ظَنَّهُ، وَيُطَيّبُ كَلامَه، ويُطْهِّرُ باطنَه من الخبائثِ والآثامِ، وَسُوءِ الظَّنِّ،