الخطبة الثانية
  حَدُّه، وَلا يُحْصَى عَدُّهُ، وَيَكفيهِ مِنَ الفضلِ أَنَّ العاقِلَ اللبيبَ إِذَا شَمَّرَ بِجدٍّ ونَشَاطٍ، يَسْتَطيعُ أَنْ يُطَهِّرَ فِيها نَفْسَه، وَيَمْحُوَ مَا سَلَفَ مِن ذُنوبِه وَآثَامِهِ، وَلا يَخْرُجُ عَنه هذا الشهرُ إِلَّا وَهو كَيومِ وَلَدتْهُ أمُّه، بَلْ إِنَّه قَدْ يُعَوِّضُ مَا فَاتَهَ، ويَسْتَدْرِكُ مَا مَضَى مِن عُمُرِه، فَيُبَدِّلُ تِلك السيئاتِ بِأضْعافِها مِن الحسناتِ كما قال تعالى: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}، وَيَكْفيهِ ثوابُ لَيلةِ القدرِ، التي هِي خيرٌ مِن أَلفِ شهرٍ، أَعْظَمُ ثَواباً مِن ثلاثةٍ وثمانينَ سنةً يَنَالُها فِي لَيلةٍ واحدةٍ، مِنْ غُروبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ.
  أَلَا وَأَكْثِرُوا فِي هذا اليومِ وَأَمْثَالِه مِن الصَّلاةِ والسَّلامِ عَلَى سَيدِنا محمدٍ وَآلِهِ، امْتِثَالاً لِأمْرِ اللهِ القائِلِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
  الَّلهُمَّ فَصلِّ وَسَلِّمْ على سيدنا أبي الطيبِ والطاهرِ والقاسمِ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ، وَصلِّ الَّلهُمَّ على أخيهِ وَوَصَيِّهِ وبَابِ مدينةِ علمِهِ إِمامِ المشَارِقِ والْمَغَارِبِ أميرِ المؤمنين عليِّ بنِ أبي طالبٍ، وعَلَى سَكنِهِ الحوراءِ فِلْذَةِ كبدِ المُصْطَفَى فَاطمةَ البتولِ الزهراءِ، وعَلى ولديهما الإِمامَينِ الأَعظمَينِ، قَاما أوْ قَعَدا الحسنِ والحسينِ، وصَلِّ الَّلهُمَّ عَلَى الامامِ الوَلي بنِ الوَلي صاحبِ النَّهجِ الْجَلِي الإِمامِ زيدِ بنِ عَلِيِّ، وَصَلِّ اللهم عَلَى إِمَامِ اليمنِ الْمُحيي لِمَا مَاتَ مِن الفرائضِ والسُّنَنِ، الإِمامِ الهادي إِلى الحقِّ القويمِ يَحْيَى بنِ الحسينِ بنِ القاسمِ بنِ إِبراهيمَ، وَعَلى مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مِن الأَئِمِّةِ الهادِينَ، وارْضَ الَّلهُمَّ عَنِ الصَّحَابَةِ الأَخْيارِ والتَّابِعينَ لَهُمْ بِإحسانٍ إِلى يومِ الدِّينِ، وعَنَّا مَعَهُم بِفضْلِكَ وَمَنِّكَ يَا كَرِيمُ.
  الَّلهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِتْقَ رِقَابِنَا مِن النَّارِ، وَغُفرانَ ذُنوبِنَا فِي هذا الشَّهرِ الكريمِ، الَّلهُمَّ أَعِنَّا عَلَى صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَمُلَازَمَةِ أَوْرَادِهِ، وَاجْعَلْنا مِن الفائِزينَ، الَّلهُمَّ أَنْصُرِ الإسلامَ والمسلمِينَ، واخْذُلِ الكَفَرةَ وَالْمُلْحِدينَ، واكْفِنا شَرَّ كُلِّ ذِي شَرّ،