سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 72 - الجزء 2

  يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} وقال ÷: «نِعمتِ العطيةُ ونِعمتِ الهديةُ: كلمةٌ تسمعُها فتنطوي عليها ثم تَحمِلُها إلى أخٍ لك مسلمٍ تُعَلِّمُها إياهُ تَعْدِلُ عبادةَ سنةٍ» فَعَلَيْنَا بِالْمُسَارَعَةِ فِي طَلَبِ الْخَيْرِ وَكَسْبِ الثَّوَابِ، كُلٌ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَطَاقَتِه.

  فَهذَا شَهرُ رَمَضَانَ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُهُ، وَآخِرُه أَفْضلُ مِن أَوَّلِه، خِتَامُهُ مِسْكٌ، وفي ذلك فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ، فِيهِ قَامَ رَسولُ اللهِ ÷ في أولِ لَيْلَةٍ مِن العشرِ الأواخرِ وشَمَّرَ وَشَدَّ مِئْزَرَهُ، وَاعْتَزَلَ نِسَاءَهُ، وَتَفَرَّغَ لِلصِّيامِ وَالْقِيَامِ، وَالصَّلاةِ وَقِرَاءَةِ القرآنِ، وَهو المعروفُ بِالْفَضلِ وَالْخَيرِ، وقَدْ غُفِرَ له مَا تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَكيفَ بِنَا وَنَحَنُ أَحْوجُ مَا نَكونُ إِلى حسنةٍ تُقَرِّبُنا مِن الْجَنّةِ.

  عِبادَ اللهِ:

  فِي هذه الَّليالي تُلْتَمَسُ لَيْلَةُ القدرِ، الّتي هي خَيرٌ من أَلفِ شَهرٍ، في هذه الّليالي تُفَكُّ الرّقابُ، وَتُعتَقُ النُّفُوسُ مِن أليمِ العذابِ، فَاسْأَلُوا اللهَ فِكَاكَ رِقَابِكُم، وَخَلاصَ أَنْفُسِكُمْ، فَكَمْ مِن عَبدٍ قَدْ أَقْترَفَ مِن كَبَائِرِ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ مَا اسْتَوجَبَ بِه غَضَبُ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَكَمْ مِن عَاصٍ لِلهِ قَدْ أَعَدَّ لِنَفْسهِ مَقْعَداً مِن النَّار، وهُو لَا يَعْلَمُ، وجَعَلَ نَفْسَهُ فِي سِجِّينٍ، وَهو على ظَهرِ الدُّنيا يَسْرَحُ وَيَمْرَحُ وَيَلْهُو وَيَلْعَبُ، لَا عِلَمْ لَه، وَلَيْسَ بَيْنَه وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا خُرُوجُ رُوحِه

  أتضحكُ أيها العاصي وتلهو ... ونار الله توقدُ للعصاةِ

  أتضحكُ يا سفيهُ ولستَ تدري ... بأيِّ بشارةٍ يأتيكَ آتي

  {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ٧ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ ٨ كِتَابٌ مَّرْقُومٌ ٩ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ٢ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ٣ تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}

  عِبادَ الله:

  إِنَّ لِهذا الشهرِ المُباركِ، وهذه اللَّيالِي العظيمةِ مِنَ الفْضَلِ والْخَيْرِ مَا لا يُدْرَكُ