الخطبة الأولى
الابتلاء
الخطبة الأولى
  
  {الحمد لله الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}[الملك ٢]، نحمدُهُ على ما أعطى وَمَنَعَ، وَلَهُ الحمدُ في السراءِ والضراءِ وعلى النعمةِ والبلاءِ.
  وَنَشْهَدُ ألّا إلهَ إلّا اللهُ العليمُ الخبيرُ، والمدبرُ لكلِّ صَغِيرٍ وكبيرٍ.
  وَنشهدُ أَنَّ مُحَمَّداً عبدُهُ ورسولُهُ الخاتِمُ لِمَا سَبَقَ والفاتحُ لِمَا انْغَلَقَ ÷ فِي كُلِّ وَقْتٍ وأَوَانٍ.
  أَمَّا بعدُ عِبادَ اللهِ:
  إِنَّ مِنْ حَقَائِقِ الإِيمانِ بِاللهِ التَّسْليمَ لِأَمْرِهِ، والخضوعَ لِحِكْمَتِهِ، والرضا بِكُلِّ مَا جَاءَنَا مِنْ قِبَلِهِ ø بِلَا تَضَجُّرِ ولَا تَأَفُّفٍ مَهْمَا كَانَتِ النتائجُ، فَالْمُؤمِنُ هوَ مَنْ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى قَبُولِ كُلِّ ما جاءَهُ مِنَ اللهِ فِي سَرَّاءَ أَوْ رَخَاءٍ بِنَفْسٍ راضيةٍ مُطْمَئِنَّةٍ.
  فَمَنْ رَضِيَ فَلهُ الرِّضَا، ومَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ، فهؤلاءِ المُؤمنونَ حقاً الذينَ ¤ وَرَضُوا عنهُ.
  رَضوا بِاللهِ وَسَلّمُوا لهُ مَقَالِيدَ أمورِهِمْ وتَوَكَّلُوا عليهِ فِي جميعِ أَحوالِهمْ فَ ¤ وَجَزَاهُمْ بِمَا صبرُوا جَنَّةً وَحَرِيرَاً اِبتلاهُمْ اللهُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَبِالنَّقْصِ فِي ثِمَارِهِمْ فَرَضَخُوا لِحُكْمِهِ وَلَمْ يُصِبْهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ بَلْ قَالوْاِ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلِيهِ رَاجِعونَ أُولئِكَ أَصحابُ الجنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، فَهَلْ رَضِينَا عبادَ اللهِ بِما قَدَّرَهُ اللهُ وقَضَاهُ عليْنَا؟ هَلْ صَبَرْنَا واحْتَسَبْنَا عِندَ اللهِ الأَجْرَ والثوابَ عَلَى مَا أُخِذ مِنْ أَيْدِيْنَا كَما صَبَر أَولئِكَ السَّابِقونَ الأَوّلونَ الذينَ ¤ وَرَضُوْا عَنْه؟