الخطبة الأولى
[٤] - كيف نتأثر بالقرآن؟
الخطبة الأولى
  
  الحمدُ للهِ الذي أنزلَ القرآنَ شفاءً، وجعله لنا إماماً، يهدي به اللهُ من اتبع رضوانَه سبلَ السلامِ، ويخرجهم من الظلماتِ إلى النورِ بإذنه، ويهديهم إلى صراطٍ مستقيم، مَن جعله أمامَه قادَه إلى الجنةِ، ومن جعله خلفَه ساقَهُ إلى النارِ.
  وأشهد ألّا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَه، أنزلَ على عبدِه الكتابَ ولم يجعلْ له عِوجاً، قيمّاً لينذرَ بأساً شديداً من لدنه، ويبشرَ المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنَّ لهم أجراً حسناً.
  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، وأمينُه على وحيه، بلغَ رسالَة ربِه، وصبرَ على حكمِه، وأُوذيَ في جنبِه، وجاهدَ في سبيلِه، ونصحَ لأمتِه حتى أتاه اليقينُ ~ وعلى آلِه قرناءِ القرآن وحملةِ الفرقان وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.
  أما بعد
  عبادَ الله: إن المتأملَ لحالِ المسلمينَ في هذا الزمانِ، وحالِ ارتباطِهم بالقرآنِ لتأخذُه الدهشةُ والحيرة، مما يراه في أمةِ القرآنِ.
  إذ قد قستِ القلوبُ، وتجمدتِ العيونُ، وهُجِرَ كتابُ علامِ الغيوبِ، بل قُرِئَ والقلوبُ ساهيةٌ لاهيةٌ، في لججِ الدنيا وأوديتِها سابحة، بل جُعِلَت البركةُ في مجردِ حملهِ وتلاوتِه والتفاخر بحسن تجويدِه وقراءتِه، وتُرِكَت بركتُه الحقيقيةُ المتمثلةُ في اتباعِه وتحكيمِه، وجعله دستوراً ومنهاجاً نسيرُ على خطاه امتثالاً لأمرِ اللهِ القائلِ: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
  نزينُ بآياتِه جدرانَ مساجِدِنا ومجالِسِنا، ولم نزينْ به حياتَنا قولاً وعملاً.
  عبادَ الله: إننا بحاجةٍ لأن نَقِفَ مع أنفسِنا وقفةً جادةً صادقةً، وأن نحاسِبَها محاسبةً دقيقةً عادلةً، وأن نمعنَ النظرَ والتفكيرَ في مسألةٍ هامةٍ وخطيرةٍ، أَلَا وهي