سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 49 - الجزء 1

الخطبة الثانية

  

  الحمد لله الذي أنزلَ على عبدِه الكتابَ عبرةً للمعتبرين وموعظةً للمتقين ونبراساً منيراً للمُهتدين فكان شفاءً لما في الصدورِ ومصلحاً لجميعِ الأمورِ.

  وأشهد ألّا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، الملكُ الحقُّ المبينُ.

  وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه المصطفى على جميع النبيينَ صلى الله عليه وعلى آلِه الطيبين الطاهرين ومن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وسلَّم تسليما.

  أما بعد:

  عبادَ الله: عرفنا وسمعنا عن فضائلِ كلامِ اللهِ، وعن بعضِ آثارِهِ في قلوبِ السابقين، ولنا الآنَ وقفةٌ مع أنفسِنا وقفةُ محاسبةٍ واستجوابٍ.

  ما السببُ في عدمِ تأثرِنا بالقرآنِ؟ وما هو الذي حالَ بينَنا وبينَ تَذَوُّقِ حلاوتِه؟ والتلذذِ بسماعِه؟

  ما الذي حالَ بينَنا وبينَ الاستفادةِ منه والتأثرِ به؟

  أليس هذا القرآنُ الذي بين أيدينا هو ذلك القرآنُ الذي صدَّعَ قلوبَ السابقين؟!

  إن الكتابَ هو الكتابُ، والقرآنَ هو القرآنُ، ولكنَّ العيبَ هو فينا نحن، والتقصيرَ هو من قِبَلِ أنفسِنا.

  نحن السببُ وراءَ هذهِ القسوةِ التي أصابتْ قلوبَنا؟

  ولو حاولْنا أن نلخصَ أسبابَ ذلك لطالَ بِنا المقامُ، ولكنْ نأخذُ طَرَفاً من ذلك مستمدين من الله العونَ والتوفيقَ.

  فأولُ تلك الأسباب: أننا جَهِلْنَا قيمةَ القرآنِ وعظمتَه، ونحنُ وإن لم نكن على قدرٍ كبيرٍ بمعرفةِ البلاغةِ التي وصلوا إليها وتأثروا بها إلّا أننا نستطيعُ أن نتأثرَ بالقرآنِ لأسبابٍ أخرى فنحنُ إذا عرفنا مصدرَ هذا القرآنِ ومِن أينَ جاءَ ومَن هو كلامُه وعلى مَن أُنزلَ وكيف أُنْزِلَ؟