الخطبة الأولى
  أدناهم منزلةً مَن يملكُ مثلَ هذه الدنيا وبين يديه أكثرُ من ألفِ وصيفٍ ووصيفةٍ وغلامٍ وجاريةٍ إذا رأيتَهم حسبتَهم لؤلؤاً منثوراً.
  كلُّهم رهنُ إشارتِه، وطوعُ أمرِه، خلقوا لخدمتِه، وإذا أرادَ شيئًا لبَّى طلبَهُ ألفُ غلامٍ، في أسرعِ مِن طرفةِ عينٍ ولسانُهم: لبيكَ سيدي ومولاي.
  {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} قال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ ١٧ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ ١٨ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ١٩ وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ ٢٠ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ ٢١ وَحُورٌ عِينٌ ٢٢ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ٢٣ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً ٢٥ إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً}
  عن أبي سعيدٍ الخدري أن النبيَّ ÷ قال: «إنَّ اللهَ لما أحاطَ حائطَ الجنةِ لبنة من ذهبٍ ولبنة من فضةٍ قال لها: تكلمي: قالتْ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} قال: طوبى لك منزلُ الملوك».
  وقال ÷ فيما رواه الإمام زيد عن آبائه $: «الجَنَّةُ لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِن فِضَّةٍ، حَصْبَاؤُهَا اليَاقُوتُ وَالزُّمُرُدُ، وَمِلاطُهَا المِسْكُ الأَذْفَرُ، وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ، أَنْهَارُهَا جَارِيةٌ، ثِمَارُهَا مُتَدَلِّيةٌ، وَأَطْيَارُهَا مُرِنَّةٌ، لَيْسَ فِيهَا شَمْسٌ وَلا زَمْهَرِيرٌ، لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَهلِهَا أَلفُ حَوْرَاءَ، يَمْكُثُ مَعَ الحَوْرَاءِ مِنْ حُورِهَا أَلْفَ عَامٍ لا تَملُّهُ وَلا يَملُّهَا، وَإنَّ أَدْنَى أَهلِ الجَنَّةِ مَنزِلَةً لَمنْ يُغْدَى عَلَيْهِ وَيُرَاحُ بِعَشَرَةٍ آلافٍ صَحْفَةٍ، فِي كُلِّ صَحْفَةٍ لَوْنٌ مِنَ الطَّعَامِ، لَهُ رَائِحَةٌ وَطَعْمٌ لَيْسَ لِلآخَرِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ يَمُرُّ بِهِ الطَّائِرُ فَيَشْتَهِيهِ فَيخِرُّ بَينَ يَدَيْهِ إِمَّا طَبِيخاً وَإِمَّا مَشْوِيًّا ِمَا خَطَرَ بِبَالِهِ مِنَ الشَّهْوَةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ لَيَكُونُ فِي جَنَّةٍ مِن جِنَانِهِ مِن أَنْوَاعِ الشَّجَرِ إذْ يَشْتَهِي ثَمَرَةً مِن تِلْكَ الثِّمَارِ، فَتُدْلَى إِلَيْهِ، فَيَاكُلُ مِنْهَا مَا أَرَادَ، وَلَوْ أَنَّ حَوْرَاءَ مِنْ حُورِهِمْ بَرَزَتْ لأهْلِ الأَرْضِ لأَعْشَتْ ضَوْءَ الشَّمْسِ، وَلافتَتَنَ بِهَا أَهْلُ الأَرْضِ».