سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 240 - الجزء 2

الخطبة الثانية

  الجنة

  

  الحمدُ للهِ الذي شَرَّعَ لعبادِه الشرائعَ وأكملَها، وبَيَّنَ لهم حدودَها وفروضَها وسُنَنَها، لم يتركْ عبادَه في حيرةٍ من دينِهم، ولا في نقصٍ من عباداتِهم، بل بَيَّنَ لهم الدينَ وأكملَه، فلم يمتِ نبيُّهُ حتى تركَ أمتَه على المحجةِ البيضاءِ ليلُها كنهارِها لا يزيغُ عنها إلا هالكٌ، فللَّهِ الحمدُ والنعمةُ والفضلُ والمنةُ.

  وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له.

  وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه الطاهرين مِن يومنا هذا إلى يومِ الدينِ وسلَّم تسليماً كثيراً.

  أما بعدُ: -

  عبدَ الله:

  تأملْ معي قليلًا في تلك الدارِ العظيمةِ التي لا يعرفُ قدرَها إلا مِن عرَفَ عظمةَ صانِعها وبانيها.

  فاللهُ تعالى هو الذي بناها وغرَسَها وأحسنَ خلقَها، وهو الغنيُّ المطلقُ، فلا شيءَ يعجزُه إذا أرادَ شيئاً قالَ له: كُنْ فيكون، خبيرٌ بحاجةِ عبادِه، عالمٌ بما يشتهون، هو العالمُ بِطِباعِهم وما إليه يميلون فأعدَّ الجنةَ وفقَ رغباتِهم ملبيةً لحاجاتِهم.

  فسبحانَ اللهِ الذي أحسنَ خلقَ كلَّ شيءٍ، وأبدعَ نظامَه وأحسنَ تدبيرَه.

  {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ}

  إذا عرفتَ ذلك فتأملْ تلكَ الدارَ وأَمْعِنْ فيها الفكرَ، دارٌ حيطانُها لَبِنَةٌ من ذهبٍ ولَبِنَةٌ من فضةٍ، ملاطُها المسكُ.