سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 241 - الجزء 2

  سبحان الله:

  هذا البناءُ الخارجيُّ لمملكةِ مثل الدنيا بُنِيَتْ من الذهبِ والفضةِ.

  كلُّ لبنةٍ كالسبيكةِ العظيمةِ، وملاطُها، أي: الملاجُ أو الدهانُ الذي على جدرانِها من الداخلِ من المسكِ.

  لقد هُجِرَتْ المصطلحاتُ الدنيوية وآلاتُ العصرِ الحاضرِ، فلا أحجارَ ولا ترابَ، ولا إسمنتَ ولا جبسَ.

  هناك أصبحَ كلُّ شيءٍ له بديلٌ حلَّ محلَّه أعظمُ منه، فقد حلتْ سبائكُ الذهبِ والفضةِ محلَّ الأحجارِ، وحلَّ المسكُ محلَّ الإسمنتِ، والزعفرانُ محلَّ الترابِ، والدُرُّ محلَّ الحصى.

  لم يَعُدْ هناكَ من مخلفاتِ الدنيا شيءٌ.

  المؤمنُ هناكَ في ملكٍ عظيمٍ لا يَرى فيه شمسًا ولا زمهريراً ولا غباراً، في سدرٍ مخضودٍ، وطلحٍ منضودٍ، وظلٍّ ممدودٍ، وماءٍ مسكوبٍ، وفاكهةٍ كثيرةٍ لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ وفرشٍ مرفوعةٍ.

  كلُّ شيءٍ في الجنةِ جميلٌ وطيبٌ، فكلُّ مُسْتَحْسَنٍ من الطيرِ ومألوفٍ من الحيوانِ فهو في الجنةِ.

  وكلُّ وحشيٍّ مفترسٍ وذي مَخْلَبٍ أو نابٍ فهو لأهلِ النارِ من كلابٍ وحياتٍ وعقاربَ وثعابينَ.

  فالجنةُ كلُّها مسرةٌ وهناءٌ، أينَ ما وضعتَ عينَيك ترى ما يسرُّك ويريحُك.

  {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ٧٠ يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٧١ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ٧٢ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ}

  ليس في الجنةِ شيءٌ لا قيمةَ له، فكلُّ شيءٍ في الجنةِ له فائدةٌ ومنفعةٌ.