سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 247 - الجزء 2

  الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.

  {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ٣٣ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ ٣٤ لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ٣٥ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ٣٦ وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ٣٧ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.

  عباد الله:

  إنَّ هذهِ الدِّقَّةَ في الصنعِ، والإتقانَ في الخلقِ، وإبداعَ إنشائِهِ مِن الذَّرَّةِ إلى المجرةِ، كلَّ ذلك آياتٌ لقومٍ يعقلون.

  هذا إنْ دَلَّ على شيءٍ فإنما يدلُّ على حكمةٍ أرادَها اللهُ، فاللهُ عندما يأمرُنا بالنظرِ والتفكرِ في خلقِهِ وإبداعِ صنعِهِ ويُعَجِّزُنا أن نجدَ عيباً أو فساداً بقولِهِ تعالى: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}، {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ....} إنه يريدُ مِن وراءِ ذلك أنْ يُرشدَنا إلى غايةٍ عظيمةٍ.

  وهذا كلُّهُ يتضمنُ رسالةً هامةً يوجهُها اللهُ لعبادِهِ يُبينُ لهم قيمةَ العملِ النظيفِ، العملِ الحسنِ المتقنِ، الخالي مِن الفوضى والعشوائيةِ.

  يعلمُنا اللهُ كيفَ يؤدي الصانعُ عملَهُ بدقةٍ متناهيةٍ منظم بلا اختلالٍ ولا إهمالٍ أو تفريطٍ، وكيف تكونُ إدارةُ الأمورِ فقالَ تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} وقالَ ø: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ٣٨ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ٣٩ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.