الخطبة الثانية
  البشرُ همْ خلفاءُ اللهِ في أرضِهِ، جعلَ منهم أنبياءَهُ ورسلَهُ لأجلِ تحقيقِ مبدإِ العدالةِ والمساواةِ وإنهاءِ حياةِ الفوضى والهمجيةِ والظلمِ، كما قالَ تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}.
  وكما وصَّى اللهُ نبيَّهُ داودَ # بقولِهِ: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}.
  فبَيَّنَ تعالى ثمرةَ الولايةِ والهدفَ من الاستخلافِ بأنهُ القيامُ بالعدلِ والقسطِ وردِّ المظالمِ، والإصلاحِ بين الناسِ وإقامةِ شعائرِ اللهِ.
  {قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
  عباد الله:
  إنَّ الغاية من الاستخلافِ هو لأجلِ أنْ تستقيمَ الحياةُ وتستمرَّ، مِن أجلِ إنهاءِ حياةِ الفوضى والهمجيةِ، مِن أجلِ نشرِ مبدإِ الرحمةِ والسلامِ، وإرساءِ قواعدِ العدالةِ والمساواةِ.
  مِن أجلِ إحياءِ أسسِ الحقِّ والإنصافِ، وإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حَقَّهُ.
  مِن أجلِ القضاءِ على الفسادِ والمفسدينَ، والظلمِ والظالمين.
  حتى تستقيمَ الحياةُ في الدنيا وتنتظمُ الحياة على كوكبِ الأرضِ ويتعايشَ أهلُهُ بأمنٍ وسلامٍ، ويسيرَ الجميعُ تحتَ قانونٍ إلهيٍّ، ويهتديَ كلُّ فردٍ إلى طريقِهِ المرسومِ لهُ دونَ تجاوزٍ أو تعدٍّ لحدٍّ من حدودِ الآخرين، وأن يعيشَ الناسُ بأمنٍ