سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 284 - الجزء 2

  والنورِ، رجلٌ قَلَبَ موازينَ الحياةِ وغيَّرَ مجرياتِ الأمورِ، وقرن اسمه باسم العزيز الغفور على المنائر والمنابر مدى الأيام والشهور.

  جاءَ فخَلَّصَ الفقراءَ والمستضعفينَ من بطشِ الظلمةِ والجبارين.

  جاءَ ليَفُّكَ أغلالَ أولئك الأحرارِ الذين حكمتْ عليهم محاكمُ الظلمِ والجورِ بالرقِّ والعبوديةِ.

  جاءَ ليحميَ أولئك الأطفالَ الأبرياءَ الذين يذبحونَ بدونِ وجهِ حقٍّ، وبلا رحمةٍ وبأيدي آبائِهم خوفًا من الفقرِ والإملاقِ.

  فأبانَ لهم بأنَّ الفقرَ والغنى من اللهِ، وما مِن دابةٍ في الأرضِ إلا على اللهِ رزْقُها {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيراً}

  جاءَ ليستنقذَ تلك الطفلةَ البريئةَ الضعيفةَ التي حكمتْ عليها عاداتُ الجاهليةِ الظالمةِ بالدفنِ حيةً في الترابِ بغيرِ ما ذنبٍ جَنَتْ، ولا جرمٍ اقترفتْ، {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ ٨ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}

  ولكن خوفًا من الفضيحةِ والعارِ المزعومِ الذي سببُهُ الجهلُ: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ}.

  جاءَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ليحررَ المرأةَ، ويردَّ لها حقَّها وعزَّتَها وكرامتَها، جاءَ ليطهرَ الأرضَ من الآثامِ والخبائثِ، ويحطمَ الأصنامَ والأوثانَ التي عُبدتْ مِن دونِ اللهِ وامتلأتْ بها أفنيةُ الحرمِ، وملأتِ البيوتُ.

  جاءَ لينشرَ الودَّ والسلامَ، ويبسطَ العدلَ والمساواةَ، ويردَّ لكلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ.

  عبادَ الله:

  إنَّ الحديثَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مما تشتاقُ لَهُ المسامعُ، وتطيبُ بذكرِهِ الأفواهُ