سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 64 - الجزء 1

[٦] - الإيمان

الخطبة الأولى

  

  الحمدُ للهِ المعروفِ بالإحسانِ المحمودِ بكلِّ لسانٍ أقرّتْ بوحدانيته الألسنُ وأخبتتْ لهيبتِه القلوبُ، نحمدُه على الهدايةِ والتوفيقِ، ونسألُه السدادَ والرشادَ، ونعوذُ به من الضلالةِ بعد الهدى، ومن الجهلِ والعمى، ومن مضلاتِ الفتنِ وغوائلِ الزمنِ.

  ونشهدُ ألا إله إلا اللهُ الواحدُ الأحدُ، المنزهُ عن الصاحبةِ والولدِ، والمتعالي عن مشابهةِ الخلقِ.

  ونشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، الذي طمس اللهُ بهديِه الجهالاتِ، ومحا بنورهِ ظُلَمَ الضلالاتِ صلى الله عليه وعلى آلِه الهداةِ سفنِ النجاةِ، وسلمَ تسليماً كثيراً، وبعد:

  عبادَ الله: إنَّ هذه الحياةَ الدنيا مطيةُ الآخرةِ، السعيدُ فيها مَن صَدَقَ في عملِه وأخلصَ لربِه في سِرِّه ونجواه، واتّبعَ أمرَ ربِّه في كل ما دعاه، وانتهى عما نهاه، صغيراً كان أم كبيراً، ولو سواكاً من أراكٍ أو شربةً من ماءِ.

  فالعبدُ لا يكونُ مطيعاً لربِه إلا بفعلِ كلِّ ما أمرَه به منتهياً عن كلِّ ما نهاه. وإنه ليسمى عاصياً ولو لم يَرتَكبْ إلا ذنباً واحداً.

  عبادَ الله: إننا لا بُدَّ أن نفهمَ ونعيَ بأننا عبيدٌ، وأننا مِلْكٌ لسيدٍ مطاعٍ. لا بُدَّ أن نعيَ ما نقولُ، وأن نفهمَ ما نعملُ، لا بُدَّ أن نُشعرَ بمعنى العبوديةِ ونذعنَ لمالِكنا، لا يكفي أن أقولَ إني عبدُ اللهِ مالم يُصَدِّقْ ذلك عملي.

  إننا نعلمُ يقيناً بأن العبدَ لا يتصرفُ إلا بأمرِ سيدهِ، ولا يَحِقُّ له أن يخالفه في أمرٍ، إن العبد مِلْكٌ لسيدِه، نفسُه ومالُه، يتصرفُ فيهما كيفَ يشاء.

  إننا مُلْزَمُونَ بالإيمانِ بذلكَ معقودٌ بنواصينا لا خروجَ لنا من العُهْدَةِ إلا به.