سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 65 - الجزء 1

  ولا بد لكلِّ عبدٍ من أن يقفَ مع كلِّ فعلٍ وقبلَ كلِّ حركةٍ، وينظرَ بعين البصيرةِ، هل في هذا العملِ رضاء للهِ أم لا؟

  إن كلَّ ذلك لا يحصلُ إلا بالإيمانِ الحي الصادقِ النابضِ من قلبٍ صافٍ نقي.

  الإيمانُ وما أدراك ما الإيمانُ! هو الإيقانُ والاستسلامُ والإذعانُ، هو التصديقُ والتسليمُ للهِ ربِّ العالمين، الإيمانُ الذي ألزمَنَا اللهُ إياه وجعلَه مفتاحَ رضوانِه وثمنَ جنتِه.

  وليس المؤمنُ مَن قال لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ اللهِ فحسبْ مالم يعملْ بمقتضاها ويعتقدْ مِن صميمِ قلبِه فحواها.

  عبادَ الله: الناسُ أربعةٌ: مؤمنٌ وكافرٌ ومنافقٌ وفاسقٌ، فالمؤمنُ: مَن أقرّ َبلسانِه، ونطقَ الشهادتين، واعتقدَ ذلك بقلبِه، وعَمِلَ بما أمرَه اللهُ وانتهى عما نهاه عنه.

  والكافرُ من لم يُقرَّ بلسانِه، ولا اعتقدَ بقلبِه، ولا عملَ بجوارحِه.

  والمنافقُ من يُظهرُ الإيمانَ ويبطنُ الكفرَ.

  والفاسقُ: مَن أقرَّ بلسانِه وقلبهِ، ولكنه لا يعملُ ولا يصلي ولا يصومُ أو يفعلُ الكبائرَ من العصيانِ.

  {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ١٤ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.

  إن الإيمانَ ليسَ مجردَ القولِ باللسانِ، بل لا بدَّ من عملٍ يتبعُه، بنيةٍ خالصةٍ لا تشوبها شائبةٌ.

  كما قال ÷: «الإيمانُ قولٌ باللسانِ واعتقادٌ بالجنانِ وعملٌ بالأركانِ» لابدَّ من الربطِ بين القولِ والقلبِ والعملِ. فلا عبرةَ بالقولِ إذا لم