سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الأولى

صفحة 374 - الجزء 2

  الحسينِ سبطِ رسولِ اللهِ الذي تربى في أحضانِ جدِّهِ رسولِ اللهِ، وتعلمَ عنه أحكامَ دينِهِ، فإذا تكلم قالَ: حدثني أبي عن جدي عن رسولِ اللهِ، ما أطهرَها من سلسلةٍ ذهبيةٍ وما أوثقه من سندٍ، فهل بعدَ الحقُّ إلا الضلال {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}.

  لقد كان # يُعرفُ في عصرِهِ بحليفِ القرآنِ؛ وذلك لكثرةِ ملازمتِهِ له وانشغالِهِ بقراءتِهِ.

  فقد روي بأنه عكفَ على القرآنِ ثلاثةَ عشرَ سنةٍ يرتلُ آياتِهِ، ويتدبرُ معانيه، ويتأملُ أحكامَهُ حتى أحاطَ علماً بدقائقِهِ وغرائبِهِ، ومحكمِهِ ومتشابهِهِ، بل لقد كانَ أوَّلَ مَن فسَّرَ غوامضَهُ وكتبَ عن غرائبِهِ، وهو أولُ من فتحَ بابَ الاجتهادِ على مصراعيه، وأولُ من قامَ بجمعِ الحديثِ وتدوينِهِ حفاظاً عليه وصيانةً له من الدسِّ والتحريفِ، فألفَ المجموعَ الحديثي والفقهي، وهما من أولِ ما أُلِّفَ في ذلك الشأنِ. قال مولانا مجد الدين قدس الله روحه في لوامع الأنوار: إنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، وإنه متلقى بالقبول عند آل محمد خلف عن سلف.

  وإن من فضائلِ الإمامِ زيدٍ # أن بشرَ بهِ رسولُ اللهِ ÷، ونعاه لأمتِهِ قبل وجوده؛ وذلك تأكيداً منه على فضلِهِ وحثٍّ للناسِ على اتباعِهِ واقتفاءِ أثرِهِ؛ حيث قالَ ÷: «خيرُ الأولين والآخرين المقتولُ في اللهِ، المصلوبُ في أمتي، المظلومُ في أهلِ بيتي - سميُّ هذا، ثم ضَمَّ زيدَ بنَ حارثةٍ إليه، ثم قال: يا زيدُ، لقد زادَكَ اسمُكَ عندي حُبًّا سمي الحبيبِ من أهلِ بيتي».

  وعن أنسِ بنِ مالكٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «يُقتلُ رجلٌ من ولدي يُدعى زيدًا بموضعٍ يُعرفُ بالكناسةِ، يدعو إلى الحقِّ، يتبعه عليه كلُّ مؤمنٍ».

  جعلَنا اللهُ وإياكم من المتبعين لرسولِهِ، الحافظين حقَّهُ في عترتِهِ وأهلِ بيتِهِ