الخطبة الثانية
الخطبة الثانية
  استشهاد الإمام زيد بن علي # الجمعة ٢٥ محرم
  
  الحمدُ للهِ الذي غَمَرَ صفوةَ عبادِهِ بلطائفِ التخصيصِ طولًا وامتنانًا، وألَّفَ بين قلوبِهم فأصبحوا بنعمتِهِ إخوانًا، ونزَعَ الغلَّ من صدورِهم فظلوا في الدنيا أصدقاءَ وأعوانًا وفي الآخرة على سررٍ إخوانا.
  وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولي الصالحين.
  وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ سيدُ الأولين والآخرين، صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ قرناءِ الكتابِ، مَن بذلوا أرواحَهم في سبيلِ إتمامِ نورِ الهدايةِ لهذه الأمةِ.
  وبعدُ
  عبادَ الله:
  سبقَ وأن تكلمنا عن فاجعةِ كربلاءَ والمجزرةِ البشعةِ التي نفذها العدوانُ الغاشمُ من الأمويينَ ومَن والاهم في حقِّ الحسينِ وأهل بيتِهِ $، والتي أودت بحياةِ سبطِ رسولِ اللهِ، وانتهتْ بقطعِ رأسِهِ وتمزيقِ جسدِهِ تحتَ حوافرِ الخيولِ، وقتلِ الأبرياءِ والأطفالِ من أهلِهِ وأصحابِهِ، وما تلى ذلك من هَتْكِ سترِ نساءِ أهلِ البيتِ وحملهن على ظهورِ الجمالِ والبغالِ يطوفون بهنَّ البلدانَ، ويذيقونهنَّ الهوانَ، ورأسُ الحسينِ # ورؤوسُ أهلِ بيتِهِ ومحبيه في مقدمةِ الصفوفِ على رؤوسِ الرماحِ.
  والنساءُ والأطفالُ يجهشونَ بالبكاءِ والنحيبِ لفراقِ أهلهم وذويهم، وحق للعيونِ أن تذرفَ الدموعَ على أطفالِ يُتموا ونساءٍ رملوا، ورؤوسٍ قُطِّعَت وفُصِلَت عن أجسادِها بعد أن هلكتْ من الظمإِ.
  إن الموقفَ أكبرُ من أن يوصفَ، إنها مأساةٌ وإجرامٌ وهمجيةٌ تعدتْ كلَّ المقاييسِ.