سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 377 - الجزء 2

  واليومَ وفي نفسِ الشهرِ الحرامِ الذي رحلَ فيه الحسينُ تكررَ مشهدٌ آخرُ ومجزرةٌ أخرى بنفسِ الإجرامِ والوحشيةِ مع عَلَمٍ بارزٍ من أعلامِ الهدى، وشخصيةٍ مرموقةٍ من رموزِ الحقِّ والفضيلةِ من أئمةِ الهدى والدينِ، مع زيدِ بنِ عليٍّ # من قِبلِ الطغاةِ أبناءِ الطلقاءِ من بني أميةَ المدمنين على أكلِ لحومِ الأبرياءِ والمتعطشين لشربِ الدماءِ، ولا غرابةَ فهم أتباع هندٍ آكلةِ كبدِ حمزةَ يومَ أحدٍ، ومن يشابه أباه فما ظلم.

  ماذا تقولون إن قال النبي لكم ... ماذا فعلتم وأنت آخر الأمم

  بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي ... منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدمِ

  ما كان هذا جزائي أن نصحت لكم ... أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

  عبادَ الله:

  لم يكد الجرحُ أن يندملَ، والدموعُ أن تجفَّ من بعد مأساةِ الحسينِ # حتى أعاد بنو أميةَ نفسَ المسلسلِ الإجرامي مع حفيدِهِ الوليِّ المثابرِ زيدِ بنِ عليٍّ #.

  لم يكتفِ بنو أميةَ بما خلفوه من مخازٍ وجرائمَ في حقِّ الحسينِ # وأهلِ بيتِهِ، فلا يكادون يغمدون سيوفَهم من مجزرةٍ حتى يسلوها من جديدٍ لمجزرةٍ أخرى.

  عبادَ الله:

  لقد كان تاريخُ بني أميهَ تاريخًا أسودَ مظلماً حافلاً بالمخازي والمساوئ منذ أن تولوا أمورَ المسلمين بالقهرِ والغلبةِ، يسومونهم سوءَ العذابِ يقتلون أبناءَهم ويستحلون نساءهم.

  استحوذوا على بيتِ أموالِ المسلمين بعد أن حرموها الضعفاءَ والمساكين، فشادوا بها القصورَ، وعمروا بها القلاعَ، واشتروا الجواريَ والغلمانَ والوصائفَ الحسانَ، واتخذوا الحجَّابَ على الأبوابِ، وطردوا العلماءَ والصالحين من مجالسِهم، وآووا الشعراءَ والمغنياتِ والراقصاتِ في قصورِهم، واستباحوا