شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

{ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير}

صفحة 51 - الجزء 1

  من استجاب لأمره وتفسح في أي مجلس لأخيه المؤمن أو لإخوانه كل ما يتهيأ فيه الفسحة من طول العمر وكبر الجاه وكثرة الرزق وسعة الأخلاق وزيادة في الصبر وغير ذلك.

  نعم، لأن ذلك التفسح يوثق العلاقة بينك وبين من فسح لك في ذلك المجلس، وهذا شيء ملموس ومحسوس في أي مكان وزمان إذا وفدت إلى محل اجتماع ورأيت رجلاً يحترمك ويدعوك إلى جانبه أو تجلس في مكانه وغيره لم يتزحزح فإنك ترى له بصنيعه ذلك فضلاً على غيره، وتود أنك تملك مكافأته في تلك الساعة ولا سيما إذا كان غير معروف عندك، فمن هنا ظهر السر في الجزاء العظيم من الفسحة أن ذلك سبب قوي في التواد والتراحم، وعلى ذلك فقس بقية الأسباب التي يتوصل بها إلى المحبة بين المؤمنين.

  وقوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}⁣[المجادلة: ١١]، بسبب تلقي أوامر الله بالقبول والعمل بما علموا.

  وقوله: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ١١}⁣[المجادلة]، النوايا لها دورها الكبير في دين المسلم فبصلاحها يعظم الأجر، ولذلك قال النبي ÷: «نية المؤمن خير من عمله»، وبفسادها يبطل الأجر، ولذلك قال النبي ÷: «نية المنافق شر من عمله» وبذكر العلم في الآية يبدو أنه كان مجلس من مجالس الذكر والله أعلم، وعلى كل حال من خلال النظرة والتأمل في هذه الآية الكريمة يتجلى للناظر أن المؤمنين لهم عند الله مكانة عظيمة وأن تقديرهم وتعظيمهم من صميم