شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[كثرة الوفاق نفاق]

صفحة 132 - الجزء 1

[كثرة الوفاق نفاق]

  ومن حكمه سلام الله عليه قوله: (كثرة الوفاق نفاق):

  صدقت يا أبا الحسن صلوات الله عليك حياً وميتاً، فكم من قائل لغيره بلسانه: صدقت، وهو كاذب بجنانه لغرض من الدنيا الفانية، يكتم الحق وهو يعلم أن الحق خلافه، يوافق من تكلم بالباطل، ولا يخشى مولاه والرقيب عليه، وهل هذا إلا محض النفاق فكم من كلمة أرضا بها غيره وقد أغضب بها مولاه الذي يعلم سره وعلانيته، وسوف تكون وصمة عار إذا قدم عليها يوم القيامة سجلتها بنان أصابع يديه بمرأى ومشهد من أقدامه، قال تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٦٥}⁣[يس].

  ويعضد تلك الشهادة ما نطقت به الأسماع والأبصار والجلود وقد ورد جهنم: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٠}⁣[فصلت].

  نعم، إذا كتم صديق كلمة حق وأنت تعلم أنه يعلم فإنه ينقص من عينك ويتحول من صديق إلى عدو، ومن صادق إلى كاذب، ومن أمين إلى خائن، ومن ناصح إلى غاش، ومن كريم إلى لئيم، ألا ترى حين كتم أحد الصحابة شهادته لعلي # كيف دعا به ووسمه الله بعلامة لا تواريها العمامة، وكم لهذا من نضير، وما يعقلها إلا العالمون.

  نسأل الله السلامة من هفوات اللسان وخطرات الجنان، آمين رب العالمين.