شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[الغنى والفقر بعد العرض على الله]

صفحة 142 - الجزء 1

[الغنى والفقر بعد العرض على الله]

  ومن حكمه لكشف الحقائق قوله #: (الغنى والفقر بعد العرض على الله):

  سبحان من يهب ما يشاء لمن يشاء، هاتان الكلمتان حقيقتان أن تحلا محل وساوس الصدر، وأن تكونا نصب عيني كل مكلف.

  أراد # أنه لا غنى وإن تشعب في مشارق الأرض ومغاربها ما دام الموت وراء صاحبه والحساب أمامه، فلا يدري صاحبه أيكون بهذا الحطام سالماً من تبعاته، أم يكون سبباً في هلاكه، كيف وقد قال #: (من غني فيها فتن، ومن فقر فيها حزن)، وفي الحديث: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن حبنا أهل البيت».

  نعم، كل غنى في هذه الدنيا مصيره النهاية، وكذلك الفقر، أما غنى الآخرة وفقرها فإنهما سرمديان أبديان، فالغني حقيقة من صفي حسابه بعد العرض، وأخذ كتابه بيمينه قائلاً: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ١٩ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ٢٠ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ٢١ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ٢٢ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ٢٣ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ٢٤}⁣[الحاقة]، فاز بملك الله العظيم، وبمجاورة النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.