[لا مرض أضنى من قلة العقل]
  نعم، الطيور على أشكالها تقع، فعلى العاقل اللبيب عندما يسمع هذه الحكمة أن ينظر من الذي نطق بها وصاغها، ويفكر فيما تضمنته من الذم للجهلاء وما في أيديهم، وبعدها يترفع عن درجة الجهال إلى درجة طلبة العلم ومجالس الذكر التي رفع الله أهلها وقال في شأنهم عز شأنه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة: ١١].
  وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
[لا مرض أضنى من قلة العقل]
  ومن حكمه عليه صلوات رب العالمين: (لا مرض أضنى من قلة العقل):
  الأمراض أنواع متعددة أعظمها ما يؤدي بحياة الإنسان إلى الموت، وأعظم من هذا الداء الذي أودى بحياة صاحبه هو قلة العقل.
  صاحب العقل الخفيف يعيش في واد وبقية الأحياء في واد آخر، لا يقبل نصيحة ناصح، ولا يرعوي لمشورة أحد، تقول له في وضح النهار: إنه نهار، ويريد أن يقنعك أنه ليل، يعظم الحقير بفكرته، ويصغر العظيم بنظرته، ومن البلية والقاصمة للظهر أنه يلقى من أمثاله كما قيل: «وافق شن طبقه» فحاله كما قال الشاعر:
  أوردها سعد وسعد مشتمل ... ما هكذا تورد يا سعد الإبل
  فصدقت يا أبا الحسن صلوات الله عليك، ما أحلى الشربة الباردة عند الظمآن، إذا رأيت من يصر على رأيه ولا يرعوي لمشورة