شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال الله تعالى: {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون 93}

صفحة 27 - الجزء 1

  

  قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ٩٣}⁣[الأنعام]:

  الناظر في هذا المشهد بعين قلبه تذرف عيناه الدموع، ويقشعر جلده، ويخشع قلبه إن بقي له من الله نور وهداية، ويردد على مسامع قلبه هذه الآية ويقول: ما أمنني أن أكون من أصحاب هذا التهديد إما ظالماً لغيري من خلق الله أو ظالماً لنفسي؟ ومن ينقذني إن أنا ورطت حتى ألقى ملك الموت وأصبحت من الخاسرين؟

  صور الله في هذه الآية حالة المفرط كيف يكون حاله عند قدوم هادم اللذات وحال تجرعه لسكرات الموت بحال من أوشك على الغرق في وسط البحر وليس له منقذ فتارة يصعد ويتنفس وتارة يهبط وقد أحاط به الأعداء من كل ناحية يشاهد السلاح في أيديهم وقلوبهم تتقطع عليه غيظاً، وكم كانوا ينتظرون هذه الفرصة السانحة.

  وذكر الله في الآية الظالمين تقبيحاً منه سبحانه للظلم ولكي يحذر المكلف ويتجنب ظلم الخلق، فالظلم حرمه الله بين عباده، وأقبح الظلم ظلم الضعيف قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}⁣[إبراهيم: ٤٢]، والجزاء من جنس العمل، ولأجل ذلك حكى الله مقالة الملائكة قائلين: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ