{والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون 135 أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين 136}
  {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} أولئك: مدحٌ من الله لهؤلاء التائبين وإشارة إلى بعد مقامهم ورفعتهم عند الله بعد أن طهروا نفوسهم بالتوبة إلى ربهم وخالقهم.
  قوله: {جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} الجزاء يقع من المجازي للمحسن على إحسانه فقد عد أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين توبة التائبين إحساناً عظيماً؛ بدليل ما وعدهم به من المغفرة والجنات التي تجري من تحتها الأنهار، فأي كرم أبلغ من كرم الله أو عطاء أعظم من عطائه.
  ثم ختم الآية بقوله: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ١٣٦} فالسعيد من نظر في نعم الله على عباده، وتشوق إلى حب الله ورضوانه وحمده في ليله ونهاره وعوّد لسانه ذكر الله والاستغفار وأمعن بنظره في جزاء المحسنين وفي ما أعد الله لهم في جنات النعيم وغنم الفرصة في دار الابتلاء والاختبار، يمسي شاكراً ويصبح ذاكراً حتى يرد عليه أجله ويأتيه ملك الموت لأخذ روحه وينقله من دار العناء والشقاء إلى دار السعادة والبقاء، يجاور في جنة الله أنبياءه وأولياءه، يتذكر عمله في الدنيا فيكون بذلك سعيداً، ويتنعم بما أعطى الله أولياءه وملّك أحبابه من القصور المبنية والحسان المرضية وبين البساتين والأثمار ومجالس العز والشرف على حافات الأنهار حيث لا هم ولا غم ولا فتور ولا ضجر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
  اللهم اجعلنا من أوليائك ومن جندك ومن حزبك يا أرحم الراحمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.