عوائق في سبيل طالب العلم
  واعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يرض بالدنيا لحقارتها، ثواباً لعباده الصالحين، فمتاعها قليل، وعمرها قصير، وما نال أحد فيها نعمة إلا بفراق نعمة أخرى، وما حليت لأحد من جانب، إلا تنغصت عليه من جانب، فصفوها مكدر، وحلاوتها مرة، وسعادتها قلق ونكد، وكل شيء فيها إلى زوال، وقد ضرب الله تعالى لنا الأمثال للدنيا؛ لئلا نغتر بها، فقال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ... الآية}[الكهف: ٤٥] إلى غير ذلك كثير في القرآن الكريم.
  وليعلم الطالب للعلم أنه لن ينال من الدنيا إلا ما كتبه الله له، فلا يكثر التلهف على ما فاته منها، ولا يحزن لقلة ما قسم الله له منها.
  فالأولى بالمؤمن وطالب العلم أن يكون راضياً بما قسم الله له منها، شاكراً لربه، وكثير الحمد لخالقه ورازقه.
  وليعلم أن الله تعالى حكيم عليم بمصالح عباده، وقد أخبرنا تعالى عن مقتضى حكمته في الأرزاق، فقال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ اِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}[الشورى: ٢٧].
  قد تكتب الأقدار على البعض صنوفاً من البلاء ربما انتهت بمصارعهم، وليس أمام الإنسان إلا الصبر والتسليم لما قضاه العليم الحكيم، غير أن الإنسان هلوع وجزوع، يعظم دهشه إذا لاقته المصائب، أو نزلت به الكوارث، وتضيق عليه الأرض بما رحبت، فيحاول أن