الجناح إلى طريق النجاح،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الفائدة الحادية والثلاثون: موقف المؤمن من العصاة:

صفحة 78 - الجزء 1

  احترامه للمؤمنين، ولم يعاندهم، ولم يعادهم، ولم يقف في طريقهم.

  الحالة الخامسة: أن لا يكف هذا الفاسق عن فسوقه، بل ما يزال يتظاهر بالعصيان، بعد التلين له والتلطف له، وبعد كل ما ذكرناه في أول المبحث، فهذا هو الذي تجب معاداته ومقاطعته حتى يقلع عن فسوقه وعصيانه.

  فهذه خمس حالات يفترض حصولها، ولكل حالة حكم، ففي الحالات الأربع الأول، لا تنبغي المعاداة والمقاطعة، وفي الحالة الخامسة تنبغي المعاداة والمقاطعة حتى يقلع ويتوب.

  والدليل على كل ما ذكرناه، أما في الأولى فقوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}⁣[النحل: ١٢٥]، وسنة النبي ÷ وسيرته في الدعوة إلى الله تعالى، والظاهر أنه إجماع أهل البيت $، فإنهم قد قالوا: إنه لا يجوز أن يشادد أهل المنكر إلا بعد فشل اللين، وعدم نجاحه في تغيير المنكر.

  وأما في الثانية: فسيرته ÷ في المنافقين وسنته معهم، فإنه ÷ لم يكاشفهم العداء، وإن كان القرآن قد كشف ثوب الستر عن بعضهم، غير أنه قد بقي كثرة كثيرة لم يكشفهم القرآن ولم يفضحهم، ومنهم الذين قال الله تعالى عنهم: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ... الآية}⁣[التوبة: ١٠١]، وهؤلاء أجرى عليهم النبي ÷ حكم المؤمنين.