شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأول: الظروف المبهمة المنقطعة عن الإضافة لفظا لا معنى

صفحة 140 - الجزء 1

  وقول الآخر:

  ٤٨ - ونحن قتلنا الأسد أسد خفيّة ... فما شربوا بعدا على لذّة خمرا


الإعراب: «ساغ» فعل ماض، «لي» جار ومجرور متعلق بساغ، «الشراب» فاعل ساغ، «وكنت» الواو واو الحال، وكان: فعل ماض ناقص، وتاء المتكلم اسمه، «قبلا» ظرف زمان متعلق بكان، «أكاد» فعل مضارع ناقص، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «أغص» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وجملة الفعل وفاعله في محل نصب خبر كاد، والجملة من كاد واسمه وخبره في محل نصب خبر كان، وجملة كان واسمه وخبره في محل نصب حال، «بالماء» جار ومجرور متعلق بقوله أغص، «الفرات» أو «الحميم» نعت للماء، ونعت المجرور مجرور.

الشّاهد فيه: قوله «قبلا» فإن الرواية في هذه الكلمة قد جاءت بالنصب مع التنوين وذلك لأن الشاعر قطع هذه الكلمة عن الإضافة في اللفظ ولم ينو المضاف إليه لا لفظه ولا معناه، ولو أنه نوى المضاف إليه لما نونه؛ لأن المنويّ كالثابت.

٤٨ - هذا بيت من الطويل، وقد نسبوا هذا البيت لبعض بني عقيل، ولم يعينوه، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٤٦) وأنشده الأشموني في باب الإضافة (رقم ٦٤٤)، وصواب الرواية:

* ونحن قتلنا الأسد أسد شنوءة*

اللّغة: «خفية» بفتح الخاء وكسر الفاء وتشديد الياء - أجمة في سواد الكوفة تنسب إليها الأسود، وأراد في البيت الشاهد تشبيه أعدائه الذين قتلهم بالأسود، ليزعم نفسه أنه من أعاظم الفرسان وصناديد الشجعان، كذا قيل لتصحيح هذه الرواية، غير أن الصواب في الرواية «أسد شنوءة» بفتح الهمزة من أسد شنوءة: وهو حي من اليمن.

المعنى: لقد أنزلنا بهؤلاء القوم من القتل والفتك ما جعلهم يهجرون اللذائذ ولا يقربون شهوات النفوس، ولو أنهم شربوا خمرا يوما لما وجدوا لها طعما ولا ذاقوا لها لذة؛ لأن الألم لا يزال يحز في نفوسهم.

الإعراب: «نحن» ضمير منفصل مبتدأ، «قتلنا» فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، «الأسد» مفعول به، «أسد» بدل من الأسد وأسد مضاف و «خفية» أو «شنوءة» مضاف إليه، «فما» الفاء عاطفة، ما: نافية، «شربوا» فعل وفاعل، «بعدا» ظرف زمان منصوب على الظرفية، والعامل فيه شرب، «على لذة» جار ومجرور متعلق بشرب أيضا، «خمرا» مفعول به لشربوا.

الشّاهد فيه: قوله «بعدا» فإن هذه الكلمة قد وردت في هذا البيت معربة منصوبة مع التنوين، فدل تنوينها على أن الشاعر قد قطعها عن الإضافة فلم ينو المضاف إليه بتة لا لفظه ولا معناه، من قبل أنه