شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني: اسم الفاعل

صفحة 396 - الجزء 1

  ثم قلت: الثّاني اسم الفاعل، وهو: ما اشتقّ من فعل لمن قام به على معنى الحدوث كضارب ومكرم، فإن صغّر أو وصف لم يعمل، وإلّا فإن كان صلة لأل عمل مطلقا، وإلّا عمل إن كان حالا أو استقبالا واعتمد - ولو تقديرا - على نفي أو استفهام أو مخبر عنه أو موصوف.

  وأقول: قولي «ما اشتقّ من فعل» فيه تجوز، وحقّه ما اشتق من مصدر فعل.

  وقولي «لمن قام به» مخرج للفعل بأنواعه؛ فإنه إنما اشتق لتعيين زمن الحدوث، لا للدلالة على من قام به، ولاسم المفعول، فإنه إنما اشتق من الفعل لمن وقع عليه، ولأسماء الزمان والمكان المأخوذة من الفعل، فإنها إنما اشتقت لما وقع فيها، لا لمن قامت به، وذلك نحو «المضرب» بكسر الراء - اسما لزمان الضرب أو مكانه.

  وقولي «على معنى الحدوث» مخرج للصفة المشبهة ولاسم التفضيل: كظريف وأفضل؛ فإنهما اشتقّا لمن قام به الفعل، لكن على معنى الثبوت، لا على معنى الحدوث.


«يخال» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، «الفرار» مفعول أول ليخال، «يراخي» فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفرار، «الأجل» مفعول به ليراخي منصوب بالفتحة الظاهرة، وسكنه لأجل الوقف، وجملة يراخي مع فاعله ومفعوله في محل نصب مفعول ثان ليخال.

الشّاهد فيه: قوله «النكاية أعداءه» حيث نصب بالمصدر المحلى بأل - وهو النكاية - مفعولا، كما ينصبه بالفعل، وهذا المفعول هو قوله أعداءه.

وهذا الذي ذكره المؤلف - من القول بإعمال المصدر المقترن بأل - هو ما ذهب إليه الخليل وسيبويه رحمهما الله، وذهب أبو العباس المبرد إلى أنه لا يجوز إعمال المصدر المحلى بأل، وإذا وجد اسم منصوب بعده فليس المصدر المحلى بأل هو الناصب له عنده، وإنما ناصبه مصدر آخر مجرد من الألف واللام؛ فيقدر: ضعيف النكاية نكاية أعداءه - بتنوين نكاية غير المقترن بأل - هو تكلف لا داعي له.

ومثل هذا البيت قول المرار الأسدي:

لقد علمت أولى المغيرة أنّني ... كررت فلم أنكل عن الضّرب مسمعا