الخامس: ما ركب كذلك من الأحوال
  إذ المراد: وبعض القوم يسقط وسطا، والحقيقة: ما يجب على الإنسان أن يحميه من الأهل والعشيرة، يقال: رجل حامي الحقيقة، أي: أنه شهم لا يضام.
  والنوع الخامس: ما ركّب تركيب خمسة عشر من الأحوال، يقولون: فلان جاري بيت بيت، وأصله بيتا لبيت: أي ملاصقا(١)، فحذف الجار وهو اللام، وركب الاسمان، وعامل الحال ما في قوله «جاري» من معنى الفعل، فإنه في معنى مجاوري، وجوّزوا أن يكون الجارّ المقدّر «إلى» وأن لا يقدر جارّ أصلا بل فاء العطف.
  وقالت العرب أيضا «تساقطوا أخول أخول» أي متفرّقين، وهو بالخاء المعجمة،
يا ذا المخوّفنا بقتل أبيه إذلالا وحينا
وقد استشهد بالبيت الشاهد صاحب المفصل.
اللّغة: «حقيقتنا» ما يجب على الرجل أن يحميه، ويدافع عنه، ويبذل نفسه في سبيل المحافظة عليه، كالنفس والعرض والمال.
الإعراب: «نحمي» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن، «حقيقتنا» حقيقة: مفعول به لنحمي، وحقيقة مضاف والضمير مضاف إليه، «وبعض» مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف، و «القوم» مضاف إليه، «يسقط» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى بعض القوم، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، «بين بينا» ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في يسقط، والتقدير: بعض القوم يسقط (هو) متوسطا: أي واقعا في وسط المعركة، وهذا الظرف مبني على فتح الجزأين في محل نصب.
الشّاهد فيه: قوله «بين بينا» حيث ركب الظرفين معا، وجعلهما بمنزلة اسم واحد فبناهما على فتح الجزأين؛ لكونه أراد بهما معا الظرفية، ولو لم يرد ذلك لوجب عليه أن يعربهما ويضيف الأول إلى الثاني، قال صاحب المفصل: «والذي يفصل بين الضربين أن ما تضمن ثانيه معنى حرف، بني شطراه، لوجود علة البناء فيهما، وما خلا من التضمن أعرب» اه، وقد بين لك المؤلف ههنا أن الأصل في ذلك «بين هؤلاء وبين هؤلاء» فأزيلت الإضافة، وركب الاسمان، وهما - حين ركبا - على معنى واو العطف.
(١) وقالوا أيضا «ذهب القوم شغر بغر» بفتحات وبكسر أول الكلمتين وفتح ثانيهما، وقالوا «ذهب القوم جذع مذع» بكسر أول الكلمتين وفتح ثانيهما، وبنائهما على فتح الجزأين، ومعنى العبارتين: ذهبوا متفرقين في كل وجه.