شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

التاسع من المرفوعات: خبر لا النافية للجنس

صفحة 236 - الجزء 1

  يروى بفتح «إن» وبكسرها.

  الثانية: بعد الفاء الجزائيّة، كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}⁣[الأنعام - ٥٤] قرئ بكسر «إن» وفتحها.

  الثالثة: في نحو «أوّل قولي إنّي أحمد الله» وضابط ذلك: أن تقع خبرا عن قول، وخبرها قول كأحمد ونحوه، وفاعل القولين واحد، فما استوفى هذا الضابط كالمثال المذكور جاز فيه الفتح على معنى أول قولي حمد الله، والكسر على جعل «أول قولي» مبتدأ، و «إني أحمد الله» جملة أخبر بها عن هذا المبتدأ، وهي مستغنية عن عائد يعود على المبتدأ؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى، فكأنه قيل: أول قولي هذا الكلام المفتتح بإني، ونظير ذلك قوله سبحانه: {دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ}⁣[يونس - ١٠] وقول النبي ÷: «أفضل ما قلته أنا والنّبيّون من قبلي لا إله إلّا الله».

  ثم قلت: التّاسع خبر «لا» الّتي لنفي الجنس، نحو: «لا رجل أفضل من زيد»، ويجب تنكيره كالاسم، وتأخيره ولو ظرفا، ويكثر حذفه إن علم، وتميم لا تذكره حينئذ.

  وأقول: التاسع من المرفوعات: خبر «لا» التي لنفي الجنس.

  اعلم إن «لا» على ثلاثة أقسام:

  أحدها: أن تكون ناهية؛ فتختصّ بالمضارع وتجزمه، نحو: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً}⁣[الإسراء، ٣٧ ولقمان - ١٨] {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}⁣[الإسراء - ٣٣] {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا}⁣[التوبة، ٤٠] وتستعار للدعاء فتجزم أيضا، نحو: {لا تُؤاخِذْنا}⁣[البقرة - ٢٨٦].

  الثاني: أن تكون زائدة دخولها في الكلام كخروجها؛ فلا تعمل شيئا، نحو:


الشّاهد فيه: قوله «إذا أنه عبد القفا» حيث روي فيه بوجهين: الأول بفتح همزة أن، على اعتبار أنها مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر مبتدأ، واختلف العلماء حينئذ في خبره؛ فقال المبرد والأعلم: إذا ظرف وهو متعلق بمحذوف خبر، وقال قوم منهم ابن مالك: إذا حرف وخبر المبتدأ محذوف، والوجه الثاني بكسر همزة إن على تقدير أن ما بعدها جملة غير محتاجة إلى شيء.