وأما أن المفتوحة فلا يجوز إهمالها
  شدّدها فإن نافية، ولما بمعنى إلا، ومن إعمال المخفف قراءة بعض السبعة: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}[هود - ١١١].
  وإن كان المخفف «أنّ» المفتوحة وجب بقاء عملها، ووجب حذف اسمها، ووجب كون خبرها جملة(١)، ثم إن كانت اسمية فلا إشكال، نحو: {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}[يونس، ١٠] وإن كانت فعلية وجب كونها دعائية، سواء كان دعاء بخير نحو: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ}[النمل، ٨] أو بشرّ، نحو: {وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها}[النور - ٩] فيمن قرأ من السبعة بكسر الضاد وفتح الباء ورفع [اسم] الله، أو كون الفعل جامدا، نحو: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى}[النجم - ٣٩] {وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}[الأعراف - ١٨٥] أو مفصولا بواحد من أمور:
  أحدها: النافي، ولم يسمع إلا في لن ولم ولا، نحو: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}[البلد - ٥] {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ}[البلد - ٧] {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ}[المائدة - ٧١] فيمن قرأ برفع (تكون).
ذكرناهما، ونصف مضاف وضمير الغائب العائد إلى الحمام مضاف إليه، «فقد» الفاء فاء الفصيحة، وقد: خبر لمبتدأ محذوف، وتقدير الكلام: إن حصل ذلك فهو كاف لنا.
الشّاهد فيه: قوله «ليتما هذا الحمام» حيث يروى بنصب الحمام ورفعه: أما النصب فعلى أن ليت عاملة والحمام بدل من اسمها الذي هو اسم الإشارة، وأما الرفع فعلى أن ليت مهملة واسم الإشارة مبتدأ والحمام بدل منه، على نحو ما قررناه في الإعراب، فيدل مجموع الروايتين على أن ليت إذا اقترنت بما الزائدة لم يجب إهمالها ولم يجب إعمالها، بل يجوز فيها وجهان: الإعمال، والإهمال، بخلاف سائر أخواتها حيث لا يجوز في واحدة منهن مع اقترانها بما الزائدة إلا الإهمال، وهذا أمر في غاية الوضوح.
(١) قد ورد في الشعر اسم إن المخففة مذكورا وخبرها مفردا أو جملة، وذلك في قول الشاعر:
لقد علم الضّيف والمرملون ... إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا
بأنك ربيع وغيث مريع ... وأنك هناك تكون الثّمالا
ففي «بأنك ربيع» وقع اسمها ضميرا مذكورا وخبرها مفردا، وفي «وأنك هناك تكون الثمالا» وقع اسمها ضميرا مذكورا وخبرها جملة، وهذا مما لا يصح القياس عليه.