شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يجوز حذف لام التعليل، إذا جرت كي المصدرية ومدخولها

صفحة 341 - الجزء 1

  ثم بينت أن حذف حرف الجر لا يختص بربّ، بل يجوز في حرف آخر في موضع خاص، وفي جميع الحروف في موضعين خاصين.

  أما الأول ففي لام التعليل؛ فإنها إذا جرّت كي المصدرية وصلتها جاز لك حذفها قياسا مطردا، ولهذا تسمع النحويين يجيزون في نحو «جئت كي تكرمني» أن تكون [كي] تعليلية وأن مضمرة بعدها، وأن تكون كي مصدرية واللام مقدّرة قبلها.

  وأما الثاني فإذا كان المجرور أنّ وصلتها أو أن وصلتها، فالأول كقولك «عجبت أنّك فاضل» أي: من أنك، وقال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي}⁣[البقرة - ٢٥] {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا}⁣[الجن، ١٨] أي: بأن لهم جنات، لأن المساجد لله، والثاني كقولك «عجبت أن قام زيد» أي: من أن قام، وقال الله تعالى: {فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما}⁣[البقرة - ١٥٨] أي: في أن يطوف بهما {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ}⁣[الممتحنة - ١] أي: لأن تؤمنوا وقيل في {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}⁣[النساء، ١٧٦]: أن الأصل لئلا تضلوا؛ فحذفت اللام الجارة ولا النافية، وقيل: الأصل كراهة أن تضلوا؛ فحذف المضاف، وهذا أسهل، وقال الله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ}⁣[النساء، ١٢٧] أي: في أن تنكحوهن، أو عن أن تنكحوهن، على خلاف في ذلك بين أهل التفسير.


الشاهد قوله:

* لا يشترى كتّانه وجهرمه*

والكتان: معروف، والجهرم - بزنة جعفر - البساط

الإعراب: «بل» حرف نائب عن رب، «بلد» مبتدأ، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد الذي هو رب المحذوف، «ملء» مبتدأ ثان، وملء مضاف و «الفجاج» مضاف إليه، «قتمه» قتم: خبر المبتدأ الثاني. ويجوز في هذه الجملة العكس فيكون قتم مبتدأ ومثل خبره مقدما، وقتم مضاف، وضمير الغائب مضاف إليه، وجملة هذا المبتدأ وخبره في محل رفع أو جر صفة لبلد، «لا» نافية، «يشترى» فعل مضارع مبني للمجهول «كتانه» كتان: نائب فاعل يشترى، وكتان مضاف وضمير الغائب مضاف إليه، وخبر المبتدأ الواقع بعد بل في بيت من أبيات القصيدة يقع بعد البيت الشاهد بكثير «انظر ديوان أراجيزه ص ١٥٠).