شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني: ما ألحق بهذه الظروف من نحو «ليس غير»

صفحة 141 - الجزء 1

  وقرئ {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}⁣[الروم، ٤] بالخفض والتنوين، على إرادة التنكير وقطع النظر عن المضاف إليه: أي لفظا ومعنى، وقرأ الجحدري⁣(⁣١) والعقيلي بالجر من غير تنوين، على إرادة المضاف إليه وتقدير وجوده.

  النوع الثاني: ما ألحق بقبل وبعد من قولهم «قبضت عشرة ليس غير» والأصل ليس المقبوض غير ذلك؛ فأضمر اسم «ليس» فيها وحذف ما أضيف إليه «غير» وبنيت «غير» على الضم، تشبيها لها بقبل وبعد، لإبهامها، ويحتمل أن التقدير: ليس غير ذلك مقبوضا، ثم حذف خبر «ليس» وما أضيفت إليه «غير» وتكون الضمّة على هذا ضمة إعراب، والوجه الأول أولى؛ لأن فيه تقليلا للحذف، ولأن الخبر في باب «كان» يضعف حذفه جدا.

  ولا يجوز حذف ما أضيفت إليه «غير» إلا بعد «ليس» فقط، كما مثلنا، وأما ما يقع في عبارات العلماء من قولهم «لا غير» فلم تتكلم به العرب، فإما أنهم قاسوا «لا» على «ليس» أو قالوا ذلك سهوا عن شرط المسألة⁣(⁣٢).

  النوع الثالث: ما ألحق بقبل وبعد من «عل» المراد به معيّن، كقولك: أخذت الشيء الفلانيّ من أسفل [الدار] والشيء الفلانيّ من عل: أي من فوق الدار، قال الشاعر:

  ٤٩ - ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة ... وأتيت فوق بني كليب من عل


لو نواه لوجب أن يمتنع من تنوين هذه الكلمة؛ لأن الإضافة تمنع التنوين، والمنوي كالثابت تماما، ودل نصبه إياها على أنه لم يبنها؛ لأن البناء في هذه الكلمة إنما يكون على الضم.

٤٩ - هذا بيت من الكامل، وهو من كلام الفرزدق يهجو فيه جريرا، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٣٤٩).


(١) الجحدري - بضم الجيم والدال المهملة - هو عاصم، وهو أحد القراء السبعة، لكن هذه القراءة غير المشهورة عنه؛ فليست من القراءات السبع؛ فهي قراءة شاذة.

(٢) قد ورد هذا الاستعمال الذي أنكره المؤلف في قول الشاعر:

جوابا به تنجو اعتمد فوربنا ... لعن عمل أسلفت لا غير تسأل