شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الجوازم نوعان:

صفحة 365 - الجزء 1

  والثانية: أن يتقدم على الشرط قسم نحو «والله إن جاءني لأكرمنّه» فإن قولك «لأكرمنّه» جواب القسم، فهو في نية التقديم إلى جانبه، وحذف جواب الشرط لدلالته عليه، ويدلك على أن المذكور جواب القسم توكيد الفعل في نحو المثال، ونحو قوله تعالى: {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ}⁣[الحشر - ١٢] ورفعه في قوله تعالى: {ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ.}

  ثم أشرت إلى أنه - كما وجب الاستغناء بجواب القسم المتقدم - يجب العكس في نحو «إن يقم والله أقم» وأنه إذا تقدم عليهما شيء يطلب الخبر وجبت مراعاة الشرط، تقدم أو تأخّر، نحو «زيد والله إن يقم أقم».

  ثم قلت: وجزم ما بعد فاء أو واو من فعل تال للشّرط أو الجواب قويّ، ونصبه ضعيف، ورفع تالي الجواب جائز.

  وأقول: ختمت باب الجوازم بمسألتين: أولاهما يجوز فيها ثلاثة أوجه، والثانية يجوز فيها وجهان، وكلتاهما يكون الفعل فيها واقعا بعد الفاء أو الواو.

  فأما مسألة الثلاثة الأوجه فضابطها أن يقع الفعل بعد الشرط والجزاء كقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ}⁣[البقرة، ٢٨٤] الآية، قرئ (فيغفر) بالجزم على العطف، و (فيغفر) بالرفع على الاستئناف، و (فيغفر) بالنصب بإضمار أن، وهو ضعيف، وهي عن ابن عباس ®.

  وأما مسألة الوجهين فضابطها: أن يقع الفعل بين الشرط والجزاء كقولك: «إن تأتني وتمش إلىّ أكرمك» فالوجه الجزم، ويجوز النصب كقوله:

  ١٧٦ - ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه ... ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما


فقلت: تحمّل فوق طوقك، إنّها ... مطبّعة، من يأتها لا يضيرها

١٧٦ - هذا بيت من الطويل، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وهو من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٥١٤) وابن عقيل (رقم ٣٤٤).

اللّغة: «يقترب» «يدنو»، «يخضع» يستكين ويذل، «نؤوه» ننزله عندنا، «هضما» ظلما وضياعا لحقوقه.