شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

يجوز في المنادى أن يفتح فتحة إتباع بشروط

صفحة 148 - الجزء 1

  وأن يبقي مضموما كقوله:

  ٥٣ - سلام الله يا مطر عليها ... وليس عليك يا مطر السّلام

  ويجوز في المنادى أيضا أن يفتح فتحة إتباع، وذلك إذا كان علما: موصوفا بابن، متصل به، مضاف إلى علم، كقولك: «يا زيد بن عمرو» وقول الشاعر:

  ٥٤ - يا طلحة بن عبيد الله قد وجبت ... لك الجنان وبوّئت المها العينا


٥٣ - هذا بيت من الوافر، وهو من كلام الأحوص الأنصاري، وكان يهوى امرأة ويشبب بها ولا يفصح عنها، فتزوجها رجل اسمه مطر، فغلب الوجد والعشق على الأحوص فقال هذا الشعر، وهذا البيت من شواهد ابن عقيل (رقم ٢٠٣)، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٤٣٦).

الإعراب: «سلام» مبتدأ، وهو مضاف، و «الله» مضاف إليه، «يا» حرف نداء، «مطر» منادى مبني على الضم في محل نصب، ونون لأجل الضرورة، وجملة النداء لا محل لها؛ لأنها معترضة بين المبتدأ وخبره، «عليها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، «وليس» الواو حرف عطف، ليس: فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر، «عليك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم، «يا» حرف نداء «مطر» منادى مبني على الضم في محل نصب، والجملة لا محل لها معترضة أيضا، «السّلام» اسم ليس تأخر عن خبره، مرفوع بالضمة الظاهرة.

الشّاهد فيه: قوله «يا مطر» الأول، حيث نون المنادى المفرد العلم، وهو مطر، وأبقاه على الضم، حين اضطر لإقامة الوزن.

ومثله قول كثير بن عبد الرحمن المعروف بكثير عزة:

ليت التّحيّة كانت لي فأشكرها ... مكان يا جمل حيّيت يا رجل

إلا أن التنوين في هذا تنوين النكرة المقصودة، وهي قوله «يا جمل» والتنوين في بيت الشاهد تنوين العلم المفرد، كما قررناه، ويجمعهما أنه تنوين ما وجب ضمه.

٥٤ - هذا بيت من بحر البسيط، وهو ثالث ثلاثة أبيات يقولها سيدنا أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - في طلحة بن عبيد الله، الملقب بطلحة الفياض، ¥! وكان طلحة قد قام في يوم أحد مقاما محمودا؛ إذ وقف دون الرسول ÷ يدفع عنه ويرد الأعداء، وهو يقول:

نحن حمساة غالب ومالك ... نذبّ عن رسولنا المبارك

نضرب عند القوم في المعارك ... ضرب صفاح الكوم في المبارك

ولما انتهت المعركة أمر الرسول حسان بن ثابت أن يذكر طلحة بخير، فقال فيه أبياتا، وقال